محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الذاريات

صفحة 280 - الجزء 4

  {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ⁣(⁣١) ٥٤ وَذَكِّرْ⁣(⁣٢) فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ٥٥} فأعرض عنهم يا محمد، فقد أديت ما عليك من التبليغ، ولم يبق عليك أي لوم بعد أن قد بلغتهم، وتذكيرك لن ينتفع به إلا أولئك الذين آمنوا بك فهم الذين سيستمعون إليك، وينتفعون بمواعظك.

  {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ⁣(⁣٣) ٥٦ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ⁣(⁣٤) وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ٥٧ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ٥٨} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أنه لم يخلق المكلفين من الإنس والجن إلا لعبادته والإخلاص له وحده، وأنه لم يطلب منهم شيئاً غير ذلك، فهو غير محتاج إليهم في شيء، وهم المحتاجون إليه والفقراء إلى ما عنده؛ فهو الذي يرزقهم ويعطيهم. ومعنى «المتين» في حق الله: القوي.


(١) سؤال: هل للعلماء الدعاة ومن حذا حذوهم أن يتولوا عند هذه الحالة أم كيف؟ وهل حدد مقدار تبليغهم بحد حتى يجوز معه تركهم؟

الجواب: الواجب على الدعاة والمصلحين والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر أن يبينوا الحق ويوضحوه فإذا علموا أن الجاهل قد علم الحق وعرفه ولكنه أعرض ولم يمتثل ولم يستجب فقد جاز لهم أن يتولوا عنه؛ لأن حجة الله قد بلغته، {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ}⁣[النور: ٥٤]، وليس هناك حد محدود إلا تعريف الحق والهدى والتوضيح والتبيين فإذا حصل ذلك فقد فعلوا ما يجب عليهم وجاز لهم بعده أن يتولوا عنهم، {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ}⁣[الأنفال: ٤٢].

(٢) سؤال: ما الوجه في حذف مفعول «ذكر»؟

الجواب: حذف لوجود القرينة عليه أي: وذكر المؤمنين، فإن قوله «فتول عنهم» وقوله: «تنفع المؤمنين» قرينة واضحة على أن المراد المؤمنين.

(٣) سؤال: فضلاً أين المستثنى منه في «إلا ليعبدون»؟ وبم نصب الفعل «ليعبدون»؟ وما وجه حذف ياء المتكلم منه؟

الجواب: المستثنى منه محذوف، والتقدير: وما خلقت الجن والإنس لأي غرض من الأغراض إلا لعبادتي، ونصب «ليعبدون» بأن مضمرة بعد لام التعليل وعلامة نصبه حذف النون، والنون الموجودة فيه هي نون الوقاية، وحذفت ياء المتكلم لتناسب رؤوس الآي.

(٤) سؤال: ما فائدة دخول من على «رزق»؟

الجواب: الفائدة هي تأكيد التنكير، كأنه قال: أي رزق كان.