سورة الحديد
  البذل والعطاء في سبيل الله تعالى خالصاً لوجهه لا يريدون على ذلك جزاءً ولا شكوراً من أحد.
  ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أنه سوف يجعل لأهل(١) هذه الصفة نوراً يوم القيامة يسعى بين أيديهم وبأيمانهم، وأن ملائكة الرحمة سوف تزف إليهم البشرى من الله سبحانه وتعالى بما أعد لهم من النعيم الذي ينتظرهم في الجنة.
  {يَوْمَ(٢) يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا(٣) فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ
(١) سؤال: يقال: من أين نفهم أن النور لأهل هذه الصفة؟
الجواب: من وعد الله تعالى لمن أقرض الله قرضاً حسناً، والقرض الحسن هو السالم من الرياء والمنة حيث قال: فيضاعفه له وله أجر كريم «في» يوم ترى المؤمنين والمؤمنات، ولا ريب أن من كان من أصحاب المضاعفة والأجر الكريم يكون من الذين يسعى نورهم بين أيديهم، وقد ذكر الله تعالى قوله: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ...} ليرغب في الإخلاص لله والإنفاق في سبيله.
(٢) سؤال: فضلاً ما هو العامل في «يوم»؟ وما هو ضابط النفاق هنا؟ وهل وجه المقابلة بينه وبين الإيمان أنه لا ثالث لهما أم كيف؟
الجواب: «يوم» بدل من «يوم ترى المؤمنين ..» والمراد بالنفاق هنا: هو إظهار الإيمان مع إبطان الكفر وإسراره بدليل قوله تعالى في الآية التالية: {وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ ...} الآية، فتدل على أنهم كانوا معادين للنبي ÷ من قوله: «تربصتم» وأنهم غير مصدقين بدين الإسلام من قوله: «وارتبتم»، وذكر الله تعالى للمؤمنين المخلصين وللمرتابين المفتونين «المنافقين» لا يدل على وجود قسم ثالث. والقسم الثالث هم عصاة الجوارح الذين يعصون الله بجوارحهم من غير شك في الإيمان ومن غير عداوة للدين وأهله وذلك كالزناة والسرق وأهل الخمر ونحوهم فإنهم يعصون الله لا لعداوة في الدين بخلاف المنافقين.
(٣) سؤال: هل المقصود بقول المؤمنين: {ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا} التهكم بهؤلاء المنافقين أم ماذا؟ وما المقصود بـ «وراءكم»؟
الجواب: نعم المقصود هو التهكم والتخييب، والمقصود بـ «وراءكم» الدنيا، أي: ارجعوا إلى الدنيا =