سورة الحديد
  الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ٢٠} يكرر الله سبحانه وتعالى خطابه لضعاف الإيمان الذين هم المنافقون الذين لم يدخل الإيمان في قلوبهم، فأوحى الله سبحانه وتعالى إلى نبيه ÷ أن يعظهم ويحذرهم من الدنيا فلا يغتروا بزينتها وشهواتها فليست إلا كلعبة أطفال يتناولونها بين أيديهم ساعة ثم يملون منها وينبذونها، وأن حالهم في الدنيا كحال أولي اللهو واللعب(١) سرعان ما سيرحلون عنها تاركين وراءهم ما قد جمعوا من حطامها ومتاعها، وأن طبيعة الدنيا أن تجر الإنسان إلى زينتها وشهواتها ولذاتها والتفاخر على الآخرين(٢) بحطامها ومتاعها، ثم سرعان ما تزول وتنتهي وكأن شيئاً لم يكن.
  وقد شبهها الله سبحانه وتعالى بزرع سقاه الله تعالى حتى ارتوى واستكمل نموه
(١) سؤال: يقال: ظاهر هذا اختلاف أوجه التشبيه للدنيا بهذه الأشياء الخمسة من حقيقتها إلى حال أصحابها إلى طبيعتها أو نحو ذلك، فهل يصح حملها على مشبه واحد فقط؟ وهل يصح حمل «زينة وتفاخر» على أنها أخبار حقيقية للدنيا لا مشبه بها أم لا؟
الجواب: وجه الشبه هو واحد في الجميع وهو حصول اللعب ثم ينقضي ويزول، وحصول اللهو ثم ينقضي، وحصول الزينة والتفاخر والتكاثر ثم يزول كل ذلك.
وقد أوضح الله حال الدنيا بما فيها من لعب ولهو و ... إلخ بأنها مثل النبات الذي يخضر ويزهو بالماء ثم سرعان ما يذبل ويصفر ثم يجف ويتفتت وينتهي، فهذه حقيقة الدنيا بما في ذلك التفاخر والزينة كل ذلك يحصل ثم يذهب.
(٢) سؤال: ما الفرق بين التفاخر والتكاثر؟ وهل هما محرمان على الإطلاق أم كيف؟ وهل ثمة ضابط؟
الجواب: التكاثر هو نوع من التفاخر فهو معطوف على التفاخر من باب عطف الخاص على العام، والتفاخر والتكاثر محرمان إذا صحبهما العجب ونسيان نعمة الله، أما إذا ذكر المؤمن وعدد نعم الله عليه معترفاً بمنة الله عليه وإحسانه إليه كقول نبي الله سليمان وهو يتحدث عما أعطاه الله: {هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي ءَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ}[النمل: ٤٠]، فإذا تحدث المؤمن عن نعم الله عليه وكثرتها لديه ولم يرد أن يترفع على أحد أو يتنقص أحداً فلا حرج.