سورة الحديد
  {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} قد أبلغ الله سبحانه وتعالى حججه الواضحة إلى عباده بما أرسل إليهم من الرسل وأنزل إليهم من الكتب، وبما شرع لهم من الشرائع والأحكام التي بها يقام الحق والعدل فيما بينهم(١).
  {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ(٢) بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}(٣) وأنعم تعالى على عباده بأن خلق لهم الحديد الذي يصنعون منه السيوف الفتاكة والرماح القتالة والدروع وآلات الحراثة والصناعة و ... إلخ، ومنافع الحديد كثيرة ولا سيما في عصرنا هذا الذي تطورت فيه الصناعة، ومعنى «فيه بأس»: قوة شديدة.
  {وَلِيَعْلَمَ(٤) اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ٢٥} كلف الله سبحانه وتعالى عباده بالجهاد والقتال في سبيله، وأنزل لهم الحديد ليقاتلوا به بين أيدي أنبيائهم وأئمتهم، وبذلك التكليف يظهر المخلص من المنافق.
(١) سؤال: يقال: إذا كان معنى الميزان العدل صار المعنى: أنزلنا العدل ليقوم الناس بالعدل، فهل يستقيم ذلك، أم له توجيه آخر؟
الجواب: نعم، المعنى مستقيم فقد أنزل الله العدل ليقوم الناس بالعدل في الأرض، وأنزل الحق ليقوم الناس بالحق في الأرض، وأنزل الكتاب ليقوم الناس بأحكام الكتاب.
(٢) سؤال: ما محل الجملة الاسمية هذه؟
الجواب: في محل نصب حال من «الحديد».
(٣) سؤال: هل ترون بفهمكم الثاقب قوة استدلال الأصحاب بـ «أنزلنا الحديد» على أن إنزال القرآن بمعنى خلقه وإحداثه؟ أم كيف؟
الجواب: ليس ما ذكرتم من الاستدلال بقوي، ولكن يمكن الاستدلال على حدوث القرآن بكونه منزلاً والنزول من صفات المحدثات، وذلك من حيث أن النزول لا يصح إلا في الأجسام والأعراض.
(٤) سؤال: علام عطف قوله: «ليعلم الله» مفصلاً؟
الجواب: هو معطوف على المعنى كأنه قيل: وأنزلنا الحديد لينفع الناس بباسه ولينتفعوا بمصنوعاته وليعلم الله.