محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الحديد

صفحة 371 - الجزء 4

  {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى بأنه أرسل نوحاً وإبراهيم، واصطفاهما وجعل في ذريتهما النبوة والكتاب، فلا يبعث الله نبياً إلا من ذريتهما.

  {فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ⁣(⁣١) وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ٢٦} فقليل من ذريتهما ثبتوا على الهدى، وأما الكثرة فهم فاسقون خارجون عن حدود الله تعالى ومواثيقه.

  {ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا⁣(⁣٢) فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ٢٧} ثم إن الله سبحانه وتعالى أرسل رسلاً كثيرة بعدهما وكان آخرهم عيسى #، وقد أنزل الله سبحانه وتعالى عليه الإنجيل وجعل أتباعه أهل رحمة ولين ولطافة، ولا زال طبعهم ذلك إلى يومنا هذا.

  ثم إنهم تعبدوا لله تعالى وأوجبوا على أنفسهم أشياء لم يكتبها الله سبحانه وتعالى أو يوجبها عليهم، وابتدعوا ذلك من عند أنفسهم ابتداعاً، ولكن الله تعالى أوجبها عليهم وكتبها فيما بعد⁣(⁣٣) عقوبة لهم، فكان أحدهم يوجب على نفسه أن لا يتزوج


(١) سؤال: فضلاً ما إعراب «مهتد»؟

الجواب: «مهتد» مبتدأ والجار والمجرور خبره.

(٢) سؤال: مم اشتقت لفظة «قفينا»؟ وما أصل معناها؟ وما إعراب «ابتغاء» و «حق رعايتها»؟

الجواب: «قفينا» مأخوذة من القفا الذي هو الخلف، وأصل معنى «قفينا» جعلنا عيسى في قفا الرسل السابقين أي: خلفهم. «ابتغاء» مفعول من أجله. «حق رعايتها» مفعول مطلق.

(٣) سؤال: فضلاً من أين فهمنا الفرضية فيما بعد؟ وكذا العقوبة مع قوله: «ابتغاء رضوان الله»؟ وهل يصح أن تحمل على أن الله فرض عليهم شيئاً من تلك الرهبنة ابتداء ثم إنهم غالوا فيها وزادوا عليها حتى أطلق الله عليهم اسم الابتداع فيكون معنى «ابتدعوها» نفس: «فما رعوها حق رعايتها»؟ وليستقيم الاستثناء متصلاً، ووصل «رهبانية» بما قبلها من دون وقف على =