محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الحديد

صفحة 372 - الجزء 4

  وأن لا يظله سقف أو يفترش تحته فراشاً وغير ذلك من الأشياء التي يتنسكون بها ابتداعاً من عند أنفسهم، ثم بعد أن أوجبها الله سبحانه وتعالى عليهم أخل بها الكثير منهم، وقصروا في أدائها وتركوها، ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أن الذين ثبتوا على إيمانهم من أولئك واستقاموا على دينهم وما أمرهم ربهم، فإنه سيوفيهم أجورهم يوم القيامة، وهم قلة، وأكثرهم خرجوا عن الدين وفسقوا عن أمر الله.

  {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٢٨} ثم وجه الله سبحانه وتعالى خطابه للمؤمنين من أتباع⁣(⁣١) النبي ÷ فأمرهم أن يتقوا الله تعالى حق تقاته، وأن يؤمنوا بما جاءهم به نبيهم ÷ ووعدهم بأنه سيضاعف لهم أجرهم على ذلك مرتين، ويجعل لهم تنويراً في قلوبهم، وعلماً يفرقون به بين الحق والباطل، ويكفر عنهم سيئاتهم ويغفر لهم ذنوبهم.


= «رحمة» في المصاحف المتبعة قراءتها؟ أم لا؟ ولماذا؟

الجواب: فهمنا الفرضية فيما بعد من قوله: {مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ} وقد يكون ذلك أن الله تعالى لم يوجب عليهم الرهبانية التي ابتدعوها في الكتاب إلا أنهم أوجبوها على أنفسهم بعد نزول الكتاب بالنذر فأوجبها الله عليهم حين أوجبوها على أنفسهم.

وأصل الرهبانية هي الخوف من الله بفعل طاعته واجتناب معصيته، وهذا مكتوب عليهم، والابتداع الذي كتب عليهم هو ما زادوه من عند أنفسهم كتبه الله عليهم حين أوجبوه على أنفسهم بالنذر، وعلى هذا فالمعنى واحد فيما ذكرتموه وفيما ذكرناه، ومعنى: ابتدعوها أي الزيادة، فما رعوا الزيادة التي أوجبوها على أنفسهم.

(١) سؤال: هل يصح أن تحمل على المؤمنين من أهل الكتاب ليوافق: «كفلين من رحمته» قوله في آية القصص: {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ}⁣[القصص: ٥٤]، أم كيف؟

الجواب: الظاهر أن المقصود المؤمنون من أهل الملة الإسلامية، يزيد ذلك ظهوراً قوله بعدها: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ ...}، ولا يصح أن يكون المراد به المؤمنين من أهل الكتاب لوقوعها في سياقهم، وقد فسرت بالوجهين.