محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة المجادلة

صفحة 379 - الجزء 4

  صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.

  {أَلَمْ تَرَ⁣(⁣١) إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ⁣(⁣٢) الرَّسُولِ} كان في المدينة أناس ممن يسمون أنفسهم بالمؤمنين وما هم بمؤمنين يتحينون الفرص ليزرعوا الخوف في قلوب المؤمنين، ويبثوا الرعب بين صفوفهم، فكانوا ينعزلون أمام المؤمنين ويتهامسون فيما بينهم ليوهموا من يراهم ممن حولهم أنهم يدبرون أمراً، ويضمرون فيما بينهم مكروهاً أو مكيدة يحيكونها ضدهم، فنهاهم الله سبحانه وتعالى عن هذا الصنيع وزجرهم، ولكنهم لم ينتهوا عن ذلك، واستمروا في نجواهم.

  وقد فضحهم الله سبحانه وتعالى لنبيه ÷، وأخبره أنهم يتناجون بالإثم والعدوان على الله وعلى رسوله ÷ وعلى المؤمنين.

  {وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا⁣(⁣٣) يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ ٨} ومن صفتهم أنهم كانوا إذا أقبلوا إلى النبي ÷ فإنهم يحيونه بعبارات⁣(⁣٤) موهمة غير تحية الدين والإسلام التي أمرهم الله سبحانه وتعالى ورسوله بها، وقد فضحهم الله سبحانه وتعالى لنبيه ÷ بأنهم يضمرون في أنفسهم الكفر، ويحدثون أنفسهم بأن النبي ÷ لو


(١) سؤال: ما معنى الاستفهام هنا؟ وأيضاً ما معنى الباء في قوله: «بالإثم»؟

الجواب: الاستفهام لتقرير ما بعد النفي، والباء للآلة مثلها في «كتبت بالقلم».

(٢) سؤال: هل دخلت معصية الرسول في «الإثم»؟ فلم خصت بالذكر؟

الجواب: خصت بالذكر لتعظيم معصية الرسول ÷ على غيرها مما يتناجون.

(٣) سؤال: ما معنى «لولا» هنا؟ وما محل جملة «يصلونها»؟

الجواب: معنى «لولا» التحضيض والحث لاعتقادهم كذب الرسول ÷ فيما يتوعد به المنافقين والكافرين، وجملة «يصلونها» في محل نصب حال، وقد تكون معترضة لا محل لها من الإعراب؛ إذا جعلنا «وبئس المصير» معطوفاً على قوله: «حسبهم جهنم» أي: فتكون الجملة معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه.

(٤) سؤال: هل عرف شيء من هذه العبارات التي كانوا يقولونها؟

الجواب: روي في هذا أنهم كانوا إذا حيوا الرسول قالوا: السام عليك يا رسول الله. والسام هو الموت.