سورة المجادلة
  كان صادقاً فلماذا لا ينزل الله تعالى بهم عذابه(١)، ويجازيهم على ما يبرمونه ويدبرونه، وما يتكلمون به في النبي ÷؛ فرد الله سبحانه وتعالى عليهم بأن لا يستعجلوا نزول عذاب الله تعالى فقد وجب عليهم، وقد أعد لهم جهنم وبئس المصير.
  {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ(٢) فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ٩} ثم أوحى الله سبحانه وتعالى إلى نبيه ÷ أن يلقن أصحابه ويرشدهم ويؤدبهم بأن لا يتناجوا فيما بينهم أو يختلي بعضهم ببعض إلا بالخير، وأن لا يتسارُّوا فيما بينهم إلا بما فيه البر والتقوى وصلاح الشأن، وأن يخافوا الله تعالى ويحذروه ويراقبوه في سرهم وعلانيتهم فهو مراقب لهم وهو معهم أينما كانوا فمرجعهم إليه وسيجازي كلاً على عمله.
  {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ(٣) لِيَحْزُنَ الَّذِينَ(٤) آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ١٠} يخبر الله سبحانه وتعالى أن ما
(١) سؤال: هل يصح حمل القول الذي أرادوا أن يعذبهم الله به على هذه التحية المخالفة التي يحيون بها النبي ÷ أم لا؟
الجواب: نعم يصح؛ لأن التحية التي كانوا يحيون بها رسول الله ÷ «السام عليك» يتضمن الكفر والتكذيب.
(٢) سؤال: هل تدل الآية على أنه لا صحة لما يروى عن النبي ÷: «لا يتناجى اثنان دون ثالث فإن ذلك يحزنه»؟ أم كيف؟
الجواب: يمكننا أن نحمل ما روي عن النبي ÷ على الإرشاد والأدب دون التحريم؛ لأن هذه الآية صريحة في جواز التناجي بالبر والتقوى، ولا ينبغي طرح الحديث مهما وجد له محمل صحيح.
(٣) سؤال: هل نسبة النجوى إلى الشيطان لأنه المعين لهم والسبب في الوساوس بتلك التدبيرات الكيدية فمن أي أنواع المجاز ذلك؟ أم لعلة أخرى فما هي؟
الجواب: نسبة النجوى إلى الشيطان لأنه المسبب، والمجاز مرسل والعلاقة السببية.
(٤) سؤال: هل هذا مفعول به؟ فكيف تعدى «يحزن» الثلاثي إلى المفعول به بنفسه؟
الجواب: «الذين» فاعل «ليحزُن» وليس مفعولاً به، وقيل: إن حزن وأحزن بمعنى واحد، فعلى هذا يكون «الذين» مفعولاً به، وفاعل «يحزن» ضمير الشيطان.