محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة المجادلة

صفحة 381 - الجزء 4

  يتناجى به المنافقون فيما بينهم ضد النبي ÷ وأصحابه إنما هو من عمل الشيطان، وما يدبرونه إنما هو مكائد شيطانية، وليسوا إلا مدسوسين على الإسلام والمسلمين ليبثوا الرعب بين أوساط المسلمين، وينشروا الفزع والخوف في قلوبهم، وليفرقوا بين صفوفهم، وأعلم سبحانه المؤمنين أن ما يدبره ويحيكه المنافقون ضدهم لن يضرهم شيئاً ما داموا متوكلين على الله سبحانه وتعالى، ومفوضين أمورهم إليه، وأن من توكل على الله تعالى كفاه شر الكائدين، ودفع عنه ضر المنافقين⁣(⁣١).

  وقد كان المنافقون في زمان النبي ÷ كثرة في المدينة، وقد عانى منهم النبي ÷ أعظم مما لقي من المشركين، ولذلك أكثر الله سبحانه وتعالى من ذكرهم والتحذير منهم في القرآن الكريم.

  {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ⁣(⁣٢) لَكُمْ} كان أصحاب النبي ÷ يزدحمون على مجلسه ليستمعوا إلى حديثه، ويستفيدوا منه؛ فكان إذا أقبل أحد من خارج المدينة يريد الاستماع للنبي ÷ لا يجد له مكاناً يجلس فيه من شدة الزحام، فأرشدهم الله تعالى إلى أن يفسحوا في


(١) سؤال: يقال: فما يصيب المؤمنين من تآمرات وكيد أعداء الدين علام يخرَّج مع هذا؟

الجواب: المراد أنهم لن يضروا الدين ولن يبلغوا بمكائدهم إلى إبطال دعوة النبي ÷ ولن يقدروا أن يمنعوا انتشار الدين وتوسعه وتكاثر المسلمين، أما ما يلحق أفراد المؤمنين فقد قال الله تعالى في مكان آخر: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى}⁣[آل عمران: ١١١]، وقال تعالى: {وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا}⁣[الأنفال: ١٧]، وقال سبحانه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ ...} الآية [البقرة: ١٥٥]؛ لهذا يتوجه تفسير هذه الآية في سورة المجادلة بأن المراد بالضر هو ما ذكرنا في هذا التعليق.

(٢) سؤال: ما هو الفسح الذي وعده الله للمتفسحين؟

الجواب: هو الفسح لهم في رحمته، أي: يفسح لهم مضائق في الدنيا وفي الآخرة.