محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة المجادلة

صفحة 387 - الجزء 4

  {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ⁣(⁣١) مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} الذين يذيعون أسرار النبي ÷ وأصحابه وينقلونها إلى الكفار ليسوا مؤمنين بالله تعالى ولا باليوم الآخر، والإسلام منهم برئ، نهى⁣(⁣٢) الله تعالى المسلمين عن مناصحة المشركين وإطلاعهم على أسرار المسلمين من أمور الحرب وخطط الغزو ونحو ذلك مما يعود ضرره على الإسلام والمسلمين⁣(⁣٣) ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو من أقرب أقربائهم.


= منادياً بعزته وغلبته، فمن هنا ما زال الحق ظاهراً إلى اليوم مع ما تعرض له من المحاولات المتاوصلة لطمسه، وما زالت المحاولات لطمسه إلى اليوم محاولات جادة حثيثة، {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ٩٧}.

(١) سؤال: ما محل هذه الجملة من الإعراب؟

الجواب: محلها النصب مفعول به ثان لـ «تجد».

(٢) سؤال: يقال: من أين نفهم هذا النهي؟

الجواب: ليس هناك نهي صريح، ولكن الموادة للمشركين لما كانت منافية للإيمان دل على أن الله نهى عنها وحرمها، والموادة هي مناصحة المشركين وإخبارهم بعوراة المسلمين وإطلاعهم على أسرارهم ونقل أخبارهم ونحو ذلك.

(٣) سؤال: هل هذا ضابط للموادة لهم؟ أم لا زال لها معنى أوسع مع تعليل ما أوردتموه؟

الجواب: «من حاد الله ورسوله» هم الذين نصبوا أنفسهم لحرب الله ورسوله معلنين الحرب، وقد كانت قريش هي العدو الأول الذي نصب نفسه لحرب الله ورسوله ÷، وسلوا سيوفهم على النبي ÷ وعلى دينه وأتباع دينه، فنهى الله تعالى المؤمنين عن تقديم أي خدمة لهؤلاء أو منفعة يمكن أن ينتفعوا بها في حربهم على الإسلام ودين الإسلام سواء أكانت مادية كبيعهم السلاح أو الكراع أو إقراضهم المال أو توفير الطعام والشراب لهم ولدوابهم، أم غير مادية كالبعث لهم بأسرار المسلمين وأعداد جيشهم ونوع سلاحهم وكميته وأسماء قواده وحراسه ... وإلى آخره، وتماماً كما تفعل المخابرات في هذا الزمن، وعملها واسع في الداخل أي: في صفوف المسلمين من بث الإشاعات المرجفة ونشر الذعر والتفريق بين المسلمين وزرع العداوات بينهم، والتغلغل في المناصب الحساسة، ونشر الدعايات ضد المخلصين، والترويج للمفسدين، والسعي في إفشال كل عمل صالح سياسي أو عسكري، ومحاولة نشر الفوضى ودعم المفسدين وقطاع الطرق وتشجيع النهابين والسرق وحمايتهم، وإلى آخر ما يمكن من إفساد عام أو خاص. وفي الخارج يبعثون أسرار الدولة وأخبارها ورجالها =