سورة الحشر
  ينظروا كيف كانت عاقبة المكذبين بأنبياء الله تعالى ورسله(١).
  {وَلَوْلَا أَنْ(٢) كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ(٣) فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ ٣} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أنه لولا ما سبق من قضائه وكتب في علمه من إجلائهم من المدينة - ولم يقض الله تعالى الجلاء إلا لحكمة ومصلحة(٤)
(١) سؤال: من أين أخذ أصحابنا أن هذه الآية دليل على حجية القياس؟
الجواب: أخذوا ذلك من قوله: {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ ٢} وذلك من حيث أن المعنى: اعتبروا فلا تفعلوا مثل فعل هؤلاء اليهود فيلحقكم من العقوبة مثل ما لحقهم، وذلك متضمن للأصل والفرع والعلة والحكم.
(٢) سؤال: ما موضع المصدر المؤول هنا؟
الجواب: موضعه الرفع مبتدأ والخبر محذوف أي: موجود.
(٣) سؤال: ما محل الجملة الاسمية هذه؟
الجواب: لا محل لها؛ لأنها مستأنفة والواو للاستئناف والعطف على ما قبلها لا يصح؛ لأن الواو لو كانت عاطفة لامتنع العذاب لهم في الآخرة؛ لأن الواو للجمع في الحكم، وما قبلها ممتنع وهو قوله: {لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا}.
(٤) سؤال: هل يمكن أن يعرف المرشد شيئاً من الحكمة والمصلحة هذه؟
الجواب: ليس هناك ما يمكن تحديده من أسرار الحكمة والمصلحة حتى نجزم بأن الحكمة والمصلحة هي كيت وكيت إلا أنه يمكننا في هذا العصر أن نقول: يحتمل أن يكون من أسرار الحكمة والمصلحة هو ما أراده الله تعالى من استخراج ما أودعه الله تعالى في الأرض من أسرار ومنافع للناس تم اكتشافها منذ قرن تقريباً أو أكثر، وكان لليهود دور في تقدم الصناعة وتطورها، وقد كانوا ذوي مهارة في الصناعة منذ القدم، ففي عهد موسى # صنع السامري عجلاً جسداً له خوار، وهذا مع ما يريده الله تعالى من ابتلاء اليهود والابتلاء بهم في الأرض؛ فهذا قد يكون بعضاً من أسرار الحكمة والمصلحة، والله أعلم. وعلينا أن نعلم أن أفعال الله تعالى مبنية على الحكمة والمصلحة وإن جهلنا وجهها، وقد قال تعالى للملائكة حين سألوا واعترضوا على خلقه تعالى لآدم: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ٣٠}[البقرة]، وقال سبحانه: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ٢١٦}[البقرة].