سورة الحشر
  لعذبهم في الدنيا بالقتل كما عذب إخوانهم من بني قريظة.
  {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ٤} وسبب خروجهم وإجلائهم إلى بلاد الشام هو أنهم عاندوا الله سبحانه وتعالى ورسوله، ونصبوا الحرب والعداء لله تعالى ولرسوله ÷ وللإسلام والمسلمين، ومن يعاد الله فإن الله شديد العقاب.
  {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ ٥}(١) في حال حصار بني النضير كان ناس من المسلمين يقطعون أشجار نخيلهم واعترض عليهم أناس آخرون ونهوهم عن ذلك، وأمروهم أن يتركوها لينتفع بها المسلمون بعدهم؛ فنزلت هذه الآية تخبرهم أنهم قد أحسنوا جميعاً، وأن كلاً من الفريقين مصيب(٢) فيما رأى، وأن القطع والترك كلاً بإذن الله
(١) سؤال: فضلاً ما إعراب «ما قطعتم» و «قائمة»؟ وعلام عطف «وليخزي الفاسقين»؟ ومم اشتقت «لينة» حتى صار معناها نخلة؟
الجواب: «ما» اسم شرط مفعول به مقدم، «قطعتم» فعل ماض وفاعل، «من لينة» متعلق بمحذوف وهو لبيان الإبهام الذي تحمله «ما» والتقدير: أي لينة قطعتم، «قائمة» حال، و «ليخزي» معطوف على «بإذن الله» على المعنى فالفاء سببية، «لينة» اسم للنخلة مأخوذة من اللين.
(٢) سؤال: هل يؤخذ من هنا صحة القاعدة «كل مجتهد مصيب» حيث التبست على المؤمنين المحاصرين الأمارات ولم يعلموا إرادة الله للأمرين إلا بعد نزول الآية، كما تلتبس على المجتهد الأمارتان فيعمل بما رجح له منهما؟ وهل يمكن أن يقال بأن فيه رائحة دلالة على إمكان تعدد الحق في المسألة الواحدة؛ إذ أخبر سبحانه أن الضدين القطع والترك بإرادته ولو كان العقل يستبعد ذلك في المسائل الشرعية؟
الجواب: الذي يؤخذ من الآية صحة الاجتهاد فيما لا دليل عليه، وجواز الاختلاف في المسائل الاجتهادية؛ لأن الله تعالى أقرهم على الاجتهاد والاختلاف ولم ينكر عليهم، والحق متعدد في هذه المسألة فهو مع الفريقين جميعاً، فمن قطع النخل فمن أجل إغاظة العدو وإغاظة العدو مطلوبة {وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ}[التوبة: ١٢٠]، واستبقاء النخل وتغنمها مطلوب لله =