سورة الممتحنة
  فاقتدوا به في ذلك واقطعوا أي صلة تربطكم بالمشركين، واتركوا موادتهم ومناصحتهم.
  {إِلَّا قَوْلَ(١) إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} ثم استثنى الله سبحانه وتعالى هذه الخصلة فلا يقتدوا به فيها أو يتأسوا به عندما استغفر لأبيه، وذلك(٢) أنه إنما استغفر له عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه.
  {رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ٤} فاسعوا جهدكم أيها المؤمنون في عداوة الكافرين ومقاطعتهم ولا تخافوهم وتوكلوا على الله واعتمدوا عليه فإنه سيكفيكم شرهم، وينصركم عليهم، وتوجهوا إلى الله وقولوا: {رَبَّنَا(٣)
(١) سؤال: أين المستثنى منه هنا؟
الجواب: المستنى منه هو قوله: «أسوة حسنة» فالأسوة الحسنة هي في جميع أفعال إبراهيم وأقواله فاستثنى قول إبراهيم لأبيه فلا أسوة فيه.
(٢) سؤال: يقال: فإذا كانت بهذا القيد فما الوجه في عدم جواز الاقتداء به فيها؟ وما فائدة قوله: «وما أملك ..»؟
الجواب: لم يذكر لنا في القرآن الوجه والحكمة في ذلك، ومن باب التجويز يمكننا أن نقول: إن الله تعالى أوحى إلى إبراهيم بالرسالة ولم ينزل عليه فيها النهي عن الاستغفار لأبيه وللمشركين فلعظيم شفقته بأبيه استغفر له ولا زال يستغفر له حتى تبين له أنه مصر على الشرك غير متوقع منه الإيمان عند ذلك تبرأ منه، ويمكن الاستدلال على ما ذكرنا بقوله تعالى: {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ..}[التوبة: ١١٤]، ولم يقل: فلما نهيناه انتهى، ولو أن الله تعالى كان قد نهاه لما استغفر له.
وقوله: «وما أملك لك ..» ولا أقدر أن أنفعك أو أستنقذك باستغفاري من غضب الله.
(٣) سؤال: ظاهر الآية أنها مقول لقول محذوف منصوب على الحال فأين صاحب الحال؟ وأين العامل فيه؟
الجواب: قد قالوا: إن ذلك «ربنا عليك توكلنا ..» من تمام قول إبراهيم والذين معه الذي قالوه، =