محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الجمعة

صفحة 430 - الجزء 4

  وتعالى إلى خطاب المؤمنين يحثهم على الجد والاجتهاد في أداء ما افترض عليهم، وعلى سرعة المبادرة والإجابة لنداء الله تعالى لهم يوم الجمعة؛ وقد كانوا متهاونين ومقصرين في أداء الجمعات؛ لانشغالهم وحرصهم الشديد على الدنيا وعلى السعي وراءها، وانهماكهم في أعمال التجارة والبيع والشراء، وأخبرهم أن ثواب سعيهم في أداء الجمعة خير لهم من الأرباح الدنيوية التي تشغلهم عن المبادرة إلى حضور الجمعة.

  {فَإِذَا⁣(⁣١) قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا⁣(⁣٢) فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا⁣(⁣٣) مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} ولن يضركم حضور الصلاة، ولا ينقص من أرزاقكم، فإذا قضيتم الصلاة فعودوا إلى تجارتكم وبيعكم وشرائكم؛ ولا ينبغي ولا يليق بكم أيها المؤمنون أن تتركوا نبيكم ÷، وتعرضوا عن ندائه لكم.

  {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ١٠} وينبغي أن يكون ذكر الله دائماً على قلوبكم، وأن يكون ذكره شغلكم الشاغل، وأن تؤثروا طاعة الله تعالى على دنياكم،


(١) سؤال: ما هي هذه الفاء؟

الجواب: الفاء هي عاطفة للتعقيب والترتيب.

(٢) سؤال: ما هي القرينة في هذا الأمر أنه للإباحة؟

الجواب: من قرائن الإباحة أن صيغة الأمر إذا وقعت بعد المنع بأنه يكون للإباحة ومثلوا لذلك بقوله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}⁣[المائدة: ٢]، وهذه الصيغة «ابتغوا» وردت بعد المنع، وهناك قرينة أخرى وهي أن طلب المكاسب والأرباح معلوم الحكم من قبل ورود الصيغة فهو مثل: {كُلُوا وَاشْرَبُوا}⁣[البقرة: ٦٠].

(٣) سؤال: يروى عن الإمام زيد # في هذه أنه العبادة والفقه فكيف ذلك؟

الجواب: الفقه والعلم والازدياد من العبادة هي مما يصدق عليه أنه فضل من الله، إلا أن السياق يدل على أن المراد طلب المكاسب والرزق ولا مانع من دخول ما ذكره الإمام زيد بن علي # في ذلك لعموم فضل الله لما ذكر حيث أن اسم الجنس المضاف يعم وهو معدود من ألفاظ العموم كما ذلك مقرر في الأصول.