محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة المنافقون

صفحة 435 - الجزء 4

  القشعريرة ظناً منهم أن النبي ÷ يقصدهم، ويؤلب الناس عليهم وعلى جهادهم، ويخافون أن يكون أمرهم قد افتضح عند النبي ÷.

  ثم أخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ بأنهم هم العدو الحقيقي⁣(⁣١) للإسلام والمسلمين، وأنهم الأشد خطراً على الإسلام وأهله، من المشركين ومن اليهود.

  ومعنى {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ}: لعنهم الله، و {أَنَّى يُؤْفَكُونَ}: كيف يصرفون عن الحق والهدى بعد أن عرفوه؟ وكيف يختارون طريق الغي والضلال ويتركون طريق الحق والهدى؟

  {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ⁣(⁣٢) رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا⁣(⁣٣) رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ ٥} وإذا دعاهم أحد إلى النبي ÷ أو نصحهم


(١) سؤال: يقال: من أي ناحية نفهم هذا؟

الجواب: فهم ذلك من قوله: «هم العدو» فإن التعريف للمسند والمسند إليه يفيد الحصر والقصر.

(٢) سؤال: فضلاً ما إعراب «تعالوا يستغفر لكم»؟ وما الذي نستفيده منها بالنسبة لنا؟

الجواب: «تعالوا» فعل أمر والواو فاعل. «يستغفر» مضارع مجزوم في جواب الأمر، «لكم» جار ومجرور متعلق بيستغفر، «رسول الله» فاعل.

والذي يستفاد منها بالنسبة لنا:

- معرفة علامة المنافقين.

- أخذ الحيطة القصوى والحذر الشديد منهم ومن مكائدهم.

- أن المنافقين العدو الأول ثم في الدرجة الثانية أهل الكفر.

ولا يتعارض هذا مع قوله تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ...}⁣[المائدة: ٨٢]، فالمنافقون إنما كانوا العدو الأول من حيث أنهم مندسون بين صفوف المؤمنين ومتمكنون من الإضرار بهم أكثر من اليهود والمشركين، فهم يثبطون المؤمنين عن نصرة النبي ÷ والإسلام، وينشرون الإشاعات والإرجاف ويفرقون بين المؤمنين المتحابين، ويروجون الدعايات وإلصاق التهم بالمخلصين، ونحو ذلك مما لا يقدر على فعله اليهود والمشركون، وعلى هذا فاليهود والمشركون أشد عداوة من المنافقين، إلا أن المنافقين وإن كانوا أقل عداوة فهم العدو الفتاك الذي لا يؤبه له.

(٣) سؤال: ما نوع المجاز هنا؟

الجواب: الظاهر أن ذلك «لووا رؤوسهم» حقيقة لا مجاز فإن العادة فيمن صدمه خبر لا يريده يلوي رأسه من يمين إلى شمال.