سورة المنافقون
  بالذهاب إليه لالتماس الدعاء بالمغفرة والرحمة من عنده فإنهم يعرضون(١) عنه، ويأبون الذهاب إليه، ظاهرة عليهم أمارات الكفر والتعالي والتعاظم الذي يملأ قلوبهم.
  {سَوَاءٌ(٢) عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ٦} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ بأنه قد أوجب عليهم عذابه وسخطه، وسلبهم توفيقه وتنويره، ولم يبق إلى هدايتهم سبيل، وقد حرموا من مغفرة الله لفسوقهم عن أمره وخروجهم من ولايته.
  فلا تستغفر لهم يا محمد فسواء استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم.
  {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ ٧}(٣) عندما آوى أهل
(١) سؤال: ما الوجه في التنصيص على هذه الصفة التي دلت عليها الآية وربما أن لهم صفات أقبح منها؟
الجواب: كان المنافقون يفعلون الفعلة المنكرة فإذا انكشف أمرهم ذهبوا إليه وحلفوا له الأيمان المغلظة أنهم ما فعلوا ولا قالوا، فإذا دعوا إلى التوبة وإلى رسول الله ÷ ليستغفر لهم لووا رؤوسهم، فبين الله ذلك من صفتهم؛ ليعرفوا بها ولا يستطيعوا التخلص منها.
(٢) سؤال: فضلاً ما إعراب «سواء»؟ وما وجه فصل جملة «لن يغفر الله لهم»؟
الجواب: «سواء» خبر مقدم، «أستغفرت لهم» في تأويل مصدر مبتدأ مؤخر، وهذا من المواضع التي أوَّلوا الفعل فيها بمصدر من غير حرف مصدري، ومثله «تسمع بالمعيدي خير من أن تراه» فأولوا «تسمع» بالمصدر وجعلوه مبتدأ و «خير» خبره. ووجه فصل: «لن يغفر الله لهم» عن سابقتها كونها علة لسابقتها.
(٣) سؤال: كرر الله وصف المنافقين في هذه السورة وغيرها بأنهم لا يفقهون ولا يعلمون مع أنهم أهل دهاء ومكر فكيف؟
الجواب: جاءت صفتهم بقوله: {وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ٨} بعد قوله: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} ولا يصدق ذلك إلا المؤمن بالله تعالى وبرسوله ÷؛ لأنهم قد صدقوا وعد الله بنصر دينه وإعزاز نبيه وأوليائه، أما المنافقون فهم غير مصدقين ولا مؤمنين =