محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة التغابن

صفحة 448 - الجزء 4

  {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ١٥}⁣(⁣١) ثم أخبرهم الله سبحانه وتعالى أنه ما رزقهم وأعطاهم الأموال والأولاد إلا فتنة واختباراً، هل سيحسنون تربية أولادهم؟ أم سيكونون سبباً في ضياعهم وافتتانهم عن دينهم؟ وهل سيضعون أموالهم في مواضعها التي أمرهم الله تعالى؟ أم يبخلون بها عن ذلك؟ وليعلموا أنهم إن أنفقوا أموالهم ووضعوها في مواضعها فإن الله تعالى سيعوضهم في الدنيا خيراً منها فضلاً عما يدخر لهم من الثواب العظيم في الآخرة.

  {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}⁣(⁣٢) ثم أمرهم الله تعالى أن يجهدوا جهدهم، ويعملوا ما في وسعهم في تقوى الله تعالى والحرص على طاعته، فهذا هو الذي أمرهم به وكلفهم به، فلم يكلف أحداً إلا على قدر طاقته واستطاعته، ولكن ليبالغ المرء في طاعة ربه، وليجهد جهده في كسب رضاه.

  {وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا} وليتحروا في السؤال عن مراشد دينهم فما عصي الله تعالى بأعظم من الجهل، وليمتثلوا ما أمرهم ربهم، ولا يقصروا في شيء من واجب طاعته.


(١) سؤال: ما موضع جملة «والله عنده أجر عظيم»؟

الجواب: لا محل لها من الإعراب معطوفة على جملة «إنما أموالكم وأولادكم فتنة» ووجه المناسبة بين الجملتين كون الأولى متاع الدنيا والثانية متاع الآخرة.

(٢) سؤال: فضلاً ما إعراب «ما استطعتم»؟ وما المعنى الذي ينبني على ذلك؟

الجواب: «ما» مصدرية مسبوكة مع ما بعدها بمصدر، والمصدر في محل نصب مفعول مطلق لـ «اتقوا الله» أو لفعل مقدر من لفظه أي: فاتقوا الله استطاعتكم وجهدكم.

ويستفاد من ذلك أنه يسقط عن المكلف ما لا يقدر على فعله من الواجبات نحو المريض الذي لا يقدر على القيام في الصلاة فيسقط وجوب القيام عنه فيصلي من قعود، ويسقط وجوب الصيام على المريض الذي لا يستطيع الصيام في رمضان، ثم يقضيه عند الاستطاعة، وأمثلة هذا كثيرة.

سؤال: هل في هذه الآية تخفيف عما في قوله: «حق تقاته»؟ أم أنها بمعناها فكيف؟

الجواب: قوله: «حق تقاته» مطلق مقيد بهذه الآية، فحق تقاته يكون في حدود الاستطاعة لا فوقها.