محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الملك

صفحة 476 - الجزء 4

  فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ١٠ فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ⁣(⁣١) فَسُحْقًا⁣(⁣٢) لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ ١١} أعد الله تعالى للذين كفروا العذاب الشديد في نار جهنم؛ فإذا ألقاهم الله تعالى يوم القيامة في النار سمعوا لها صوتاً شديداً حين تغلي بهم كغليان القدر بما فيها حتى إنها تكاد أن تتقطع من غيظها عليهم، وكلما وصل مجموعة من أهل النار إليها فإن خزنتها سيسألونهم: ألم يرسل الله سبحانه وتعالى إليكم رسولاً يحذركم وينذركم لقاء يومكم هذا؟ فلا يجدون بداً من الجواب بالإقرار، والاعتراف بتكذيبهم وتمردهم ورميهم لأنبيائهم بالضلال والجهالة، والندم يكاد أن يقطع أوصالهم لو أنهم سمعوا واستجابوا لدعوة أنبيائهم لما وصلوا إلى ما وصلوا إليه، ويعترفون حينها بسيئاتهم وإقدامهم على المعاصي والفساد. ومعنى «سحقاً»: بعداً شديداً.

  {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ١٢} ثم أثنى الله سبحانه وتعالى على الذين يؤمنون بالغيب، ويخافون ربهم من دون أن يروه، ويؤمنون بالجنة وأنها حق وصدق ولم يشاهدوها، ويخشون عذاب النار من دون أن يكونوا قد رأوا شيئاً من ذلك، وإنما تصديقاً بما أخبرتهم به أنبياؤهم عن الله سبحانه وتعالى، وأخبر بأنه قد أعد لهم الثواب الكبير على ذلك، وقد كفر عنهم سيئاتهم وذنوبهم.


(١) سؤال: إذا كانوا يعترفون بذنوبهم كما هنا فما فائدة إقامة شهادة الأنبياء عليهم؟

الجواب: قد يكون اعترافهم إنما كان بعد شهادة الأنبياء عليهم بدليل ما حكى الله من قول المشركين: {إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ٢٣}⁣[الأنعام]، وقد تكون الفائدة إظهار منتهى العدل والحق لأهل الموقف: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ ٦}⁣[الأعراف]، فسيحضر كل رسول هو وأمته وتوجه إليهم الأسئلة أمام أهل الموقف.

(٢) سؤال: ما إعراب «فسحقاً»؟

الجواب: «فسحقاً» الفاء عاطفة للمسبب على السبب، «سحقاً»: مصدر منصوب بفعل من لفظه مقدر، وهو للدعاء بالإبعاد لهم من الرحمة.