محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الملك

صفحة 477 - الجزء 4

  {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ١٣} ثم خاطب الله سبحانه وتعالى جميع المكلفين بأنه سواء عنده جهروا بأقوالهم وأعمالهم، أم أسروا بها، فهو عالم بجميعها، ومطلع على خفيها وظاهرها، وعالم بما في صدورهم وضمائرهم، لا تخفى عليه خافية.

  {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ١٤}⁣(⁣١) كيف لا يعلم الله ما أسروا وما جهروا وما تخفيه الصدور وهو الذي خلق كل شيء وأوجده؟ وهو عالم بدقائق الأمور وخفيها، وعالم بما في بواطن الأشياء وظواهرها، أفلا يستحق اسم اللطيف، وهو الذي يتغلغل علمه في باطن كل شيء، حتى داخل الذرة التي تكاد أن لا ترى بالعين؟

  وأيضاً ألا يستحق اسم الخبير وهو الذي يتحكم بعلمه وقدرته وتدبيره في جميع الأجهزة الداخلية لذلك الحيوان البسيط، من المخ والأعصاب والدورة الدموية والجهاز الهضمي والجهاز التنفسي والتناسلي، وغير ذلك من الأجهزة والأعضاء التي بداخلها على الرغم من صغرها؟ وقد نفذ علمه إليها، وقدر على تشغيل جميع تلك الأجهزة بعلمه وقدرته، ناهيك عما تحمله في بطنها من صغارها التي تحمل مثل ما تحمل أمهاتها من الصفات؛ فانظر إلى أين وصل علم الله سبحانه وتعالى، وانظر إلى عجيب خلقه وعظيم قدرته التي يتوقف عندها العقل، وتتحير عندها الفطرة، ولو غاب علم الله وقدرته وتدبيره عما في بواطن مخلوقاته لماتت، ولو غاب علمه وقدرته وتدبيره عن السماوات لتهاوت أجرامها واختل نظامها وتصادمت نجومها وفسد الكون كله.


(١) سؤال: فضلاً ما معنى الاستفهام «ألا يعلم»؟ وهل «من خلق» في موضع الفاعل أو المفعول؟ حققوا ذلك وما ينبني عليه من معنى؟ وما موضع جملة «وهو اللطيف الخبير»؟

الجواب: الاستفهام إنكاري أي: كيف لا يعلم من خلق، ومن: فاعل، وليس مفعولاً جاءت هذه الجملة «ألا يعلم» بعد قوله: «وأسروا قولكم أو اجهروا به» أي: كيف لا يعلم الخالق ما تسره الضمائر وهو اللطيف الخبير. وجملة «وهو اللطيف الخبير» حالية من «مَنْ».