محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الملك

صفحة 480 - الجزء 4

  بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ ١٩} ثم استنكر الله سبحانه وتعالى على قريش تكذيبهم وتمردهم مع أنهم يرون آثار قدرة الله سبحانه وتعالى حولهم، وكيف لم ينظروا إلى آية الطير العجيبة فوقهم من الذي يمسكها عن السقوط مع أنها صافات لأجنحتها أو قابضات⁣(⁣١) لها لا تحركها؟

  {أَمَّنْ⁣(⁣٢) هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ ٢٠} واستنكر عليهم أيضاً إصرارهم على كفرهم وتكذيبهم، وكيف يأمنون مكر الله تعالى بهم، فهل معهم من القوة ما يدفعون به عنهم عذاب الله تعالى؟ أو يملكون ما يحميهم من بأس الله إن نزل بهم؟

  ثم أجاب الله سبحانه وتعالى عن ذلك بأنهم لا يملكون أي شيء من ذلك وإنما أخذهم الكبر والغرور بأنفسهم، وقد غطى الباطل على قلوبهم حتى أعماهم عن الخوف من الله تعالى وأمنوا مكره وعذابه.


= أي: أغفلوا ولم يروا. «إلى الطير»: متعلق بيروا بمعنى ينظروا. «فوقهم»: ظرف مكان متعلق بمحذوف حال من الطير. «صافات»: حال ثانية. «ويقبضن»: جملة حالية من الطير أيضاً. «ما يمسكهن إلا الرحمن» ما: نافية. يمسكهن: مضارع مرفوع والضمير مفعول به. إلا: أداة استثناء مفرغ. الرحمن: فاعل.

(١) سؤال: هل المراد قبضهن للأجنحة في حال طيرانها أم ماذا؟ وما الوجه في تذييل الآية بقوله: «إنه بكل شيء بصير»؟

الجواب: نعم، المراد قبضها لأجنحتها حال طيرانها. وقوله «إنه بكل شيء بصير» تذييل ليفيد أنه عالم كيف يخلق الغرائب ويدبر العجائب التي تتحير العقول في بديع خلقها.

(٢) سؤال: هل قوله: «أمن هذا» بمعنى: بل من هذا؟ أو أن «أم» أدغمت في «من»؟ وما إعرابها؟ وما محل جملة «ينصركم»؟

الجواب: «أمَّن» أصلها: أم من بمعنى: بل من، كما ذكرتم، أدغمت ميم «أم» في ميم «من» فصار: أمَّن. «أم» بمعنى بل، و «من» اسم استفهام مبتدأ، «هذا» خبره، «الذي» صفة لهذا، «هو جند لكم» صلة الموصول، «ينصركم» صفة لجند فهي في محل رفع.