محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الملك

صفحة 481 - الجزء 4

  {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ⁣(⁣١) لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ ٢١} من الذي سيرزقهم إن حبس الله تعالى عنهم رزقه، ومنعهم بركات السماء وخيرات الأرض؟ فما بالهم يعدلون عن عبادته إلى عبادة غيره من الآلهة التي لا تنفع ولا تضر؟

  ولكنهم غرقوا في الباطل والكبر وتوغلوا في الضلال والشرك والاستهزاء بآيات الله تعالى، والنفور عن الهدى وعن سماع نبيهم ÷.

  {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ٢٢} من هو الأهدى؟ أذلك الذي يمشي ساقطاً على وجهه لا ينظر أمامه ولا يستقيم في طريق، أم الذي يمشي على رجلين في سواء الطريق رافعاً رأسه وفاتحاً عينيه ينظر أمامه؟

  شبه الله سبحانه وتعالى المشركين في تخبطهم في ظلمات الجهل والضلال بمن يمشي مكباً على وجهه، لا يبصر ما الذي أمامه، ولا يهتدي إلى طريق، وشبه المؤمنين بمن يمشي منتصباً على رجليه رافعاً رأسه ناظراً أمامه، فهو يهتدي إلى سواء السبيل.

  {قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ٢٣}⁣(⁣٢) ثم أمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ أن يخبر المشركين بأن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلقهم في أحسن الصور وجعل لهم السمع والأبصار والعقول التي يميزون بها الحسن من القبيح، والحق من الباطل، فكان من المفروض


(١) سؤال: ما فائدة الإضراب في قوله: «بل لجوا في عتو ..»؟

الجواب: فائدتها الانتقال عن ذكر ما يتلى عليهم من الحجج والبينات إلى الإخبار بتماديهم في النفور والتمرد وتجاوز الحق.

(٢) سؤال: فضلاً ما إعراب «قليلاً ما تشكرون»؟ وما الوجه في فصلها عن سابقتها؟

الجواب: «قليلاً»: صفة لمصدر محذوف أو لظرف محذوف أي: شكراً قليلاً أو زمناً قليلاً. «ما»: صلة وتوكيد. «تشكرون»: مضارع والواو فاعل وهو العامل في «قليلاً». وفصلت الجملة «قليلاً ما تشكرون» لكونها مستأنفة.