محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة القلم

صفحة 492 - الجزء 4

  وهكذا كان المشركون يوم بدر ظنوا أنهم قادرون⁣(⁣١) على استئصال محمد ÷ والمسلمين، ولكن الله تعالى خيب ظنهم كما خيب ظن أصحاب الجنة.

  {كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ٣٣} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى المشركين أن عذابه في الدنيا يأتي المرء من حيث لا يدري ولا يتوقع كما فعل بأصحاب الجنة، وأنهم لو كانوا يعتبرون ويتفكرون بعقولهم لاعتبروا بما جاءهم به النبي ÷ من العبر، ولارتدعوا عن غيهم وضلالهم، ولاتقوا عذاب الآخرة الذي ينتظرهم⁣(⁣٢).

  {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ ٣٤} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أن الذين يتقونه ويحذرون الوقوع فيما يغضبه ويوجب سخطه لهم جنات النعيم


(١) سؤال: يقال: ظاهر القصة في نية السوء بحرمان المساكين فكيف ذلك بالنسبة لقريش؟ وما قرائن حملها على ظن القدرة فيما يريدون؟

الجواب: المشبه به هو أصحاب الجنة في تصميمهم وعزمهم وحلفهم على الصرم مصبحين وعلى منع المساكين والمشبه هم قريش في تصميمهم وعزمهم على استئصال النبي وأصحابه الذين خرجوا لاعتراض القافلة وقد عذلهم بعض عقلائهم من التعرض لمحمد ÷ ولأصحابه ونصحوهم بالرجوع إلى مكة وحصل بينهم وبين عقلائهم جدال ومراجعة في هذا طويلة فلم يرعووا وأصروا على استئصال النبي وأصحابه، وهؤلاء الناصحون هم أوسط رجال قريش الذين كانوا في النفير، وكان من جملة الناصحين لقريش بترك القتال عتبة بن ربيعة وجرى بينه وبين أبي جهل كلام بذيء فغضب عتبة غضباً شديداً وهو سيد قريش الحليم فضرب بسيفه عرقوب فرس أبي جهل عند خروجه للقتال.

ووجه الحمل على ظن القدرة أو العلم بالقدرة على استئصال المسلمين هو قوله في أصحاب الجنة: {إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ ١٧}، وقوله: {وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ٢٥}.

(٢) سؤال: هل تقصدون أن جملة «ولعذاب الآخرة أكبر» معترضة، وأن «لو كانوا يعلمون» متعلق بـ «كذلك العذاب» أم ماذا؟

الجواب: يبدو أن قوله: «ولعذاب الآخرة أكبر» جملة معطوفة على ما قبلها.