محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة القلم

صفحة 493 - الجزء 4

  يأكلون ويتمتعون فيما تشتهيه أنفسهم وتلذ أعينهم.

  {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ٣٥ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ٣٦}⁣(⁣١) يخاطب الله تعالى المشركين الذين أنكروا البعث والحساب والجزاء في يوم القيامة، ويستنكر عليهم الإصرار على إنكار ذلك، وكيف ساغ لهم الجحود للبعث مع ما يلزم منه من اتهام الله تعالى بالظلم حيث يسوي بين الممتثلين لأوامره والمتمردين عنها، ونسبته للعبث والباطل، تعالى الله عن ذلك.

  {أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ ٣٧ إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ⁣(⁣٢) ٣٨} ومن أين


(١) سؤال: فضلاً لو أعربتم الآية «ما لكم كيف تحكمون»؟ وكيف يمكن لنا الاستدلال بهذه الآية على أن العقل يدرك حسن الأشياء وقبحها؟

الجواب: «ما» اسم استفهام مبتدأ. «لكم» خبر متعلق بمحذوف. «كيف» اسم استفهام في محل نصب حال أو مفعول مطلق. «تحكمون» فعل وفاعل وهو العامل في «كيف»، والجملة مستأنفة لبيان الإبهام في الجملة الأولى «ما لكم».

وفي قوله تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ٣٥ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ٣٦} دليل على أن العقل يفرق بين الحسن والقبيح والحق والباطل بفطرته، والدليل هذا نقلي من السمع، فالاستدلال يكون بالآية هذه من حيث أن الله تعالى استنكر على المشركين اعتقادهم أن الله يسوي بين المجرمين والمسلمين استنكاراً بعد استنكار ووبخهم على ذلك، وما ذلك إلا لأنهم قالوا وحكموا بخلاف ما تعرفه العقول وتستحسنه الفطرة.

(٢) سؤال: ما إعراب «لما تخيرون»؟

الجواب: اللام هي المزحلقة، و «ما» اسم موصول في محل نصب اسم «إن»، و «تخيرون» مضارع، والواو فاعل، والعائد ضمير محذوف.

سؤال: هل قوله: «إن لكم لما تخيرون» في حيز الاستفهام الذي قبله؟ أم أنه على جهة الجواب من الباري تعالى على مضمونه؟

الجواب: نعم هو في حيز الاستفهام حيث أنه معمول لـ «تدرسون» على أنه مفعول به، وكان المفروض فتح همزة «إنّ» ولكن لام الابتداء منعت ذلك وعلقت الفعل «تدرسون» عن العمل في اللفظ، وهو بمعنى تعلمون فيكون من أفعال القلوب.