سورة القلم
  وخل بيني وبينهم فسأنتقم لك منهم شر انتقام، وسنجرهم إلى ما فيه هلاكهم ودمارهم من حيث لا يعلمون، وسأمهلهم في الدنيا وأتأنى بهم إلى أن يحين موعد عذابهم فآخذهم بغتة وهم لا يشعرون.
  {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ ٤٦} فهل تسألهم الأجرة على تبليغهم حتى يعجزوا عن اتباعك لتعذر دفعها ومشقتها عليهم.
  {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ ٤٧} أم قد أنزل الله تعالى عليهم كتاباً يدينون(١) به حتى يتمسكوا بشركهم هذا التمسك، ويصروا على ضلالهم هذا الإصرار.
  {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ(٢) رَبِّكَ} ثم أمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ أن يصبر على أذى قومه وتكذيبهم له، وأن يستمر على مواصلة تبليغهم رسالة ربه، وأن لا يستعجل نزول العذاب بهم فهم في قبضته ولا بد أن يحكم فيهم بحكمه.
  {وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ ٤٨(٣) لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ
(١) سؤال: يقال: من أين نفهم أن هذا المراد بالغيب؟
الجواب: المراد بالغيب هو ما في اللوح المحفوظ بدليل: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ}[آل عمران: ٤٤]، {تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ}[هود: ٤٩]، فاستنكر الله تعالى على المشركين ما كانوا عليه في دينهم من عبادة الأصنام وتحريم السائبة والوصيلة والحام والبحيرة و ... إلى آخر أحكام التحليل والتحريم في دينهم الجاهلي، فوجه الله تعالى إليهم ذلك السؤال التوبيخي التفريعي: أم عندهم علم الغيب فهم يكتبون منه الدين الذي هم عليه.
(٢) سؤال: هل اللام هذه على بابها أم لها معنى آخر فما هو؟
الجواب: اللام للتعليل أي: فاصبر لأجل حكم ربك، وليست للتعدية، فإن «صبر» يتعدى بـ «على» أو «عن» يقال: صبرت على كذا، وصبرت عما أحب.
(٣) سؤال: ما إعراب «إذ نادى وهو مكظوم»؟ وما محل «أن تداركه»؟
الجواب: «إذ» ظرف لما مضى من الزمان متعلق بما في الجار والمجرور من معنى الفعل أي: مشابهاً لصاحب الحوت في حين مناداته وهو مكظوم. و «أن تداركه ..» في محل رفع مبتدأ.