محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة المعارج

صفحة 513 - الجزء 4

  سبحانه وتعالى حال المجرمين والعصاة بأنهم سيتمنون ذلك اليوم لو أن الفدية تنفعهم لافتدوا بما عز عليهم من الأموال والأولاد والزوجات، ولو استطاع المجرم أن يفتدي نفسه بأهل الأرض لما تردد في ذلك من هول ما يرى مما هو مقبل عليه من العذاب. والفصيلة هي: العشيرة وهي فرع من القبيلة.

  {كَلَّا إِنَّهَا لَظَى ١٥} يزجر الله تعالى يومئذ المجرمين، ويخبرهم أنه لن ينفعهم فدية يفتدون بها، ولم يبق لهم إلا النار يعذبون فيها.

  {نَزَّاعَةً⁣(⁣١) لِلشَّوَى ١٦} والشوى: هي فروة الرأس، يعني تنزع فروة الرأس من شدة لهيبها.

  {تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى ١٧} تطلب وتنادي إليها الذين قد أعرضوا في الدنيا عن الله سبحانه وتعالى، وكفروا بأنبيائه ورسله وكذبوا بهم.

  {وَجَمَعَ فَأَوْعَى ١٨} وجمعوا المال في أوعية وكنزوها دون أن يخرجوا ما يجب عليهم فيها من الزكاة.

  {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ⁣(⁣٢) هَلُوعًا ١٩


(١) سؤال: علام نُصِبَ «نزاعة»؟

الجواب: نصب على أنه حال من مرفوع «لظى»، والعامل فيها ما في «لظى» من معنى الفعل أي: تتلظى، ويجوز أن تنصب بتقدير أعني.

(٢) سؤال: يقال: إذا خلق الله الإنسان حال كونه متلبساً بهذه الصفة (الهلع) فما ذنبه حتى يذمه الله تعالى؟

الجواب: يقال: الهلع طبيعة في الإنسان فطره الله تعالى عليها لا تفارق الإنسان حتى يموت فتموت بموته، إلا أنه يصاحبها طبيعة حكيمة هي العقل موازية لتلك الطبيعة (الهلع) تدعو إلى خلاف ما تدعو إليه طبيعة الهلع، فيتصارع في الإنسان طبيعتان تدعو كل منهما إلى خلاف ما تدعو إليه الأخرى، ويكون الإنسان هو الذي يختار إما الاستجابة لداعي الحكمة (العقل) وإما الاستجابة لداعي (الهلع)، وعلى هذا فالإنسان مختار غير مجبر على الأخذ بأي من الجانبين؛ لذلك استثنى الله تعالى المصلين؛ لأنهم لم يستجيبوا لداعي الهلع؛ لأن الإيمان جاء معززاً لداعي الحكمة مؤيداً له ومحركاً من فاعليته من حيث أن الإيمان والدين جاء بما تعرفه العقول وتدعو إليه الحكمة، ولم يأت بما تستنكره العقول {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ}⁣[الأعراف: ١٥٧].