سورة الجن
  {وَأَنَّا ظَنَنَّا(١) أَنْ لَنْ نُعجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا ١٢}(٢) وأخبروا أنهم قد تيقنوا وعرفوا أنهم لن يستطيعوا أن يفروا من قدرة الله سبحانه وتعالى عليهم وقبضته، وأنه لا بد أن يدركهم مهما حاولوا الفرار والهروب.
  {وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا ١٣} وأنهم قد آمنوا بالله سبحانه وتعالى وصدقوا بما سمعوه من القرآن على لسان نبيه ÷، وأن من آمن بالله تعالى وصدق بأنبيائه وكتبه وعمل(٣) الأعمال الصالحة فلا بد أن يوفيه أجره وثوابه، ولن ينقصه أو يهضمه من أجره شيئاً، ومعنى «رهقاً» هنا: يغشاه ظلم بالزيادة في السيئات.
  {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا ١٤ وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ(٤) فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا ١٥} وأخبروا أنهم مثل البشر فيهم المسلمون
(١) سؤال: من أين يمكن لنا أن نعرف أن الظن هنا بمعنى اليقين؟ وهل يمكن أن نقول لكثرة استعمال القرآن له في ذلك: إنه حقيقة شرعية فيه أم كيف؟ فهذه مسألة تشكل كثيراً.
الجواب: يراجع الجواب الذي تقدم في حواشي سورة الحاقة على تفسير الآيات (من ١٩ إلى ٢٣).
(٢) سؤال: ما إعراب «هرباً»؟
الجواب: «هرباً» تمييز نسبة.
(٣) سؤال: هل حصل لهم كل هذه المعرفة واليقين بهذا الاستماع مرة واحدة فهذا أمر مدهش قد يخرج عن العادة؟ أم بمرات متعددة فما الذي يدل عليه؟
الجواب: يمكن الاستدلال على معاودتهم إلى استماع القرآن بأن من ارتاح لشيء وأعجب به فإنه يعاود ذلك الشيء ويتردد عليه.
(٤) سؤال: ما الفرق بين «القاسطون» بمعنى الجائرين، و «القاسطون» بمعنى العادلين؟
الجواب: «القاسطون» هم الجائرون، اسم فاعل من الثلاثي «قسط»، أما بمعنى العادلين فيقال: المقسطون اسم فاعل من الرباعي «أقسط». ولم ترد «القاسطون» إلا بمعنى الجائرين، و «المقسطون» في القرآن بمعنى العادلين: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ٩}[الحجرات]، وإذا كان قد ورد استعمال القاسط في المعنيين فتكون كلمة مشتركة بين المعنيين، ويعرف المراد بالقرينة.