سورة الجن
  المنقادون لله تعالى، وفيهم الكافرون الجائرون عن طريق الحق والهدى، وأن من انقاد لله تعالى واستسلم له فقد أحسن لنفسه الاختيار وأصاب طريق الحق والهدى، وأما من لم ينقد لله تعالى، ولم يستسلم له فسوف يجعلهم الله تعالى وقوداً لجهنم وحطباً.
  {وَأَنْ(١) لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ١٦ لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ(٢) وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا ١٧}(٣) ثم أخبر الله سبحانه وتعالى عباده فقال: لو أن عباده استقاموا على الدين الحق وساروا على الطريق المستقيم لأسبغ عليهم رزقه، ولأنزل عليهم بركات السماء الكثيرة، ولأغناهم ومتعهم من فضله وإحسانه.
(١) سؤال: يقال: ما هو المسوغ لعطف كلام الباري على كلام الجن في الظاهر؟ وما إعراب «أن لو استقاموا»؟ وهل اللام في قوله: «الطريقة» للعهد الذهني أم ماذا؟ وما الذي يستفاد من هذه الآية؟
الجواب: كلام الباري هذا: «وأن لو ..» معطوف على معمول «أوحي إلي» في أول السورة وليس معطوفاً على كلام الجن، أي: قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن وأن لو استقاموا ... ، وما بين المعطوف والمعطوف عليه معترض. و «أن» مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن، والجملة الشرطية في محل رفع خبر، واللام في «الطريقة» للعهد الذهني كما ذكرتم. ويستفاد من الآية أن التمسك بتقوى الله والامتثال لأمره والانتهاء عن نهيه والاستقامة على ذلك سبب لسعة الرزق وبركته، وأن سعة الرزق اختبار من الله وامتحان ليظهر الشاكر لنعمة الله ويتميز الكافر بفضل الله ونعمته.
(٢) سؤال: يقال: ظاهر أول الآية أنه جعله لهم جزاءً على استقامتهم فكيف قال: «لنفتنهم فيه»؟ أم العلتان سائغتان؟
الجواب: لا مانع من أن يختبر الله تعالى المطيع له بما أعطاه من سعة الرزق جزاء على طاعته فالمؤمن المطيع لا يزال في اختبار بعد اختبار وفي ابتلاء بعد ابتلاء إلى أن يخرج من الدنيا.
(٣) سؤال: فضلاً ما نوع اسمية «صعداً»؟ وما إعرابها؟
الجواب: «صعدا» مصدر الفعل الثلاثي «صَعِدَ» من باب فرح، استعمل هنا وصفاً للمبالغة.