سورة الجن
  ثم أخبرهم أنه قد جعل ما ينزله من الخير على عباده فتنة لهم واختباراً لينظر من سيؤدي حق شكر نعمته ومن سيكفرها، ثم تهدد من كفر بنعم الله عليه بالعذاب الشديد في نار جهنم.
  وفيها جبل من نار يعذب الله سبحانه وتعالى المعرض عن ذكره بصعوده، كلما وضع قدمه عليه ذابت من شدة حرارته وكلما رفعها عادت، وهكذا كلما أوشك على مشارفته رده الله تعالى من حيث بدأ.
  {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ١٨}(١) ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أن المساجد له وحده، لا يعبد فيها سواه، ويحتمل(٢) أن يكون المعنى أن
(١) سؤال: قد يفهم بعض الناس من الآية هذه أن لا نقول: مسجد فلان أو القبيلة الفلانية، فكيف توجهون في ذلك؟
الجواب: المساجد هي لله، ولا مانع من أن يقال: مسجد فلان، ومسجد آل فلان فقد اشتهر عن النبي ÷ أنه قال: «صلاة في مسجدي هذا تعدل بألف صلاة ..» الحديث، وقال في حديث آخر: «جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم ..» الحديث، وحديث البخاري: «من أكل من هذه الشجرة - يعني: الثوم - فلا يقربن مسجدنا»، وهو في مواضع من البخاري، وفي سنن أبي داود عن النبي ÷: «إذا مر أحدكم في مسجدنا أو في سوقنا ومعه نبل فليمسك على نصالها ...»، ومعنى «وأن المساجد لله» وأن المساجد لعباد الله وليس المقصود إثبات ملكيتها لله تعالى لأن كل ما في السموات والأرض ملكه: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ} فالمساجد وغيرها سواء، وقرينة هذا التقدير ودليله ما ورد بعده من قوله: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ١٨} أي: فلا تعبدوا مع الله أحداً أي: فلا تشركوا معه غيره في عبادته، وقد كان الصحابة يسمون المساجد فيقولون: مسجد بني عبد الأشهل ومسجد الخيف ومسجد النبي و ... إلخ، وكتب السنة مشحونة بمثل ذلك، ويمكن معرفة ذلك من المكتبة الشاملة بواسطة الباحث الآلي.
(٢) سؤال: ما وجه هذا الاحتمال؟
الجواب: الوجه أن المساجد اسم لمواضع السجود والجبهة من مواضع السجود.