سورة المزمل
  {يَوْمَ(١) تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا ١٤} وميعاد تعذيبهم ذلك سيكون في يوم القيامة عندما تتزلزل الأرض مع جبالها مضطربة وتصير الجبال رملاً منهالاً كالسائل.
  {إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا ١٥ فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا ١٦} ثم وجه الله سبحانه وتعالى خطابه إلى المكلفين من عباده يخبرهم بأنه قد أعذرهم وأنذرهم وبلغهم الحجة على لسان نبيهم محمد ÷ الذي أرسله إليهم بالهدى ودين الحق، وليكون شاهداً على من كَذَّب منهم، وأعرض عن دعوته فلا يكون له أي عذر عند الله تعالى يوم القيامة، وسيعاقبه ويعذبه في(٢) الدنيا جزاءً على كفره وتكذيبه كما عذب فرعون بالغرق عندما أعرض عن دعوة موسى وكذب به، ومعنى «أخذاً وبيلاً»: أخذاً شديداً عظيماً.
  {فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا ١٧}(٣) أخبروني إن كفرتم كيف تقدرون أن تدفعوا عن أنفسكم عذاب الله تعالى يوم القيامة، فالأولى بكم أن تأخذوا بأسباب النجاة ما دمتم في المهلة، وما دامت الفرصة سانحة.
  وقوله: {يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا}(٤) كناية(٥) عن شدة هول ذلك اليوم، وما يكون
(١) سؤال: ما هو الناصب لهذا الظرف؟
الجواب: ناصبه هو الاستقرار الذي في «لدينا».
(٢) سؤال: يقال: أكثر المكذبين لم يعذبوا في الدنيا فكيف بهذا؟
الجواب: قد عذب الله مترفي قريش ولم يستأصلهم كما استأصل قوم نوح وقوم عاد.
(٣) سؤال: فضلاً لو أعربتم هذه الآية لكان مناسباً؟
الجواب: الفاء عاطفة، «كيف» اسم استفهام في محل نصب حال من فاعل «تتقون»، «تتقون» فعل وفاعل، «إن كفرتم» جملة شرطية وجوابها محذوف دل عليه ما قبله أي: إن كفرتم فكيف تتقون، «يوماً» مفعول به لتتقون، «يجعل الولدان شيباً» الجملة في محل نصب صفة لـ «يوماً».
(٤) سؤال: ما نوع اسمية «شيباً»؟ وما العلة في إسناد الجعل إلى اليوم؟
الجواب: «شيباً» جمع أشيب كبيض وأبيض، وإسناد الجعل إلى اليوم لكونه ظرفاً للفعل فالإسناد فيه مجازي.
(٥) سؤال: يعني أنه ليس على حقيقته ولا يحتملها؟
الجواب: نعم، ليس المراد الحقيقة بل المراد الكناية عن الهول والشدة.