محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة المزمل

صفحة 541 - الجزء 4

  {يَوْمَ⁣(⁣١) تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا ١٤} وميعاد تعذيبهم ذلك سيكون في يوم القيامة عندما تتزلزل الأرض مع جبالها مضطربة وتصير الجبال رملاً منهالاً كالسائل.

  {إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا ١٥ فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا ١٦} ثم وجه الله سبحانه وتعالى خطابه إلى المكلفين من عباده يخبرهم بأنه قد أعذرهم وأنذرهم وبلغهم الحجة على لسان نبيهم محمد ÷ الذي أرسله إليهم بالهدى ودين الحق، وليكون شاهداً على من كَذَّب منهم، وأعرض عن دعوته فلا يكون له أي عذر عند الله تعالى يوم القيامة، وسيعاقبه ويعذبه في⁣(⁣٢) الدنيا جزاءً على كفره وتكذيبه كما عذب فرعون بالغرق عندما أعرض عن دعوة موسى وكذب به، ومعنى «أخذاً وبيلاً»: أخذاً شديداً عظيماً.

  {فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا ١٧}⁣(⁣٣) أخبروني إن كفرتم كيف تقدرون أن تدفعوا عن أنفسكم عذاب الله تعالى يوم القيامة، فالأولى بكم أن تأخذوا بأسباب النجاة ما دمتم في المهلة، وما دامت الفرصة سانحة.

  وقوله: {يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا}⁣(⁣٤) كناية⁣(⁣٥) عن شدة هول ذلك اليوم، وما يكون


(١) سؤال: ما هو الناصب لهذا الظرف؟

الجواب: ناصبه هو الاستقرار الذي في «لدينا».

(٢) سؤال: يقال: أكثر المكذبين لم يعذبوا في الدنيا فكيف بهذا؟

الجواب: قد عذب الله مترفي قريش ولم يستأصلهم كما استأصل قوم نوح وقوم عاد.

(٣) سؤال: فضلاً لو أعربتم هذه الآية لكان مناسباً؟

الجواب: الفاء عاطفة، «كيف» اسم استفهام في محل نصب حال من فاعل «تتقون»، «تتقون» فعل وفاعل، «إن كفرتم» جملة شرطية وجوابها محذوف دل عليه ما قبله أي: إن كفرتم فكيف تتقون، «يوماً» مفعول به لتتقون، «يجعل الولدان شيباً» الجملة في محل نصب صفة لـ «يوماً».

(٤) سؤال: ما نوع اسمية «شيباً»؟ وما العلة في إسناد الجعل إلى اليوم؟

الجواب: «شيباً» جمع أشيب كبيض وأبيض، وإسناد الجعل إلى اليوم لكونه ظرفاً للفعل فالإسناد فيه مجازي.

(٥) سؤال: يعني أنه ليس على حقيقته ولا يحتملها؟

الجواب: نعم، ليس المراد الحقيقة بل المراد الكناية عن الهول والشدة.