محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة المزمل

صفحة 544 - الجزء 4

  سبحانه وتعالى إلى خطاب نبيه ÷ فأخبره أنه قد علم بامتثاله لأمره فيما شرعه من قيام الليل هو والطائفة المؤمنة⁣(⁣١) معه، وعلم أنهم أدوا ذلك كما أمرهم من الثلثين إلى النصف إلى الثلث. ومعنى «لن تحصوه»: لن تقدِّروا ساعات الليل وتحسبوها وتحددوها كما ينبغي.

  وأخبرهم أنه يتعسر عليهم أداء هذه العبادة التي افترضها عليهم، فخفف عنهم ونسخ هذه الفريضة إلى ما قد استطاعوا فعله من الصلوات الخمس لما علم من ضعف عباده وانشغالهم عن أدائها بالسعي وراء أرزاقهم، وانشغالهم بالجهاد في سبيله.

  ثم أمرهم أن يحافظوا على تلك الصلوات التي افترضها عليهم، وأن يخرجوا ما


= الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ٤} بيان التوسعة من الله للنبي ÷ والمؤمنين في وقت صلاة العشاء، وفيه أن قوله: «علم أن لن تحصوه» و «علم أن فيكم مرضى وآخرون ..» هو تعليل لقوله في أول السورة: «قم الليل إلا قليلاً ..» إلخ، فهي مقدمة من التقدير فقوله: «علم أن لن تحصوه» أي: أنه تعالى علم أنه لو فرض عليهم أدا ءالصلاة في وقت محدد لن يستطيعوا تقديره؛ لذلك رخص لهم ووسع في الوقت فالمريض والمسافر والمقاتل يؤخر الصلاة إلى أي وقت شاء من الليل، ويفيد كلام المصابيح أن ليس هناك نسخ.

والذي يقوي هذا الكلام أمور:

١ - أنه لم يشتهر وجوب قيام الليل على حسب ما حدوا من الأوقات هنا.

٢ - أن الله تعالى قال: {وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ} أي: أن هناك طوائف أخرى لم يصلوا معه في أول الوقت أو في وسطه، ولم يذمهم الله تعالى أو يستنكر عليهم الصلاة مع رسول الله ÷، وذلك دليل على أن الوقت موسع لهم فلا يتضيق عليهم أداء الصلاة في ذلك الوقت المحدد مع النبي ÷. وفسر في المصابيح: «ناشئة الليل» بأوله أي: أن الصلاة في أول الليل أفضل.

٣ - أن صلاة العشاء كانت على المؤمنين شاقة بسبب غلبة النوم حيث أنهم كانوا أهل أعمال فوسع الله تعالى لهم في وقت صلاة العشاء.

(١) سؤال: يقال: ظاهر الآية أنه لم يفعله إلا بعض المؤمنين فكيف؟

الجواب: نعم الظاهر أنه لم يفعله إلا النبي ÷ وبعض المؤمنين، إلا أن الله تعالى تاب عليهم وخفف التكليف.