محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة المدثر

صفحة 548 - الجزء 4

  يَسِيرٍ ١٠} وأخبره أيضاً أن الله سبحانه وتعالى إذا أذن بقيام القيامة فإن ذلك سيشتد على الكافرين لما ينتظرهم في ذلك اليوم من الأهوال والأفزاع.

  والناقور⁣(⁣١): مثل ضربه الله سبحانه وتعالى لأوان ذلك الموعد، وأما في الحقيقة فهو غير محتاج إلى بوق ليؤذن الناس بالحشر والاجتماع، فهو قادر على أن يجمعهم من غير أن يؤذنهم بتطبيل أو تنقيس بناقوس، {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ٨٢}⁣[يس]، {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ٥٠}⁣[القمر].

  {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ١١ وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا ١٢ وَبَنِينَ شُهُودًا ١٣ وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا ١٤} يطمئن الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ ويُسلِّيه⁣(⁣٢) بأنه سيتولى عقاب ذلك الرجل الذي وقف في وجه دعوته، وكذب به وتمرد عليه، وحاول إلحاق الأذى به، وذلك الرجل هو الوليد بن المغيرة المخزومي، فقد خلقه الله سبحانه وتعالى وحيداً⁣(⁣٣) لا يملك شيئاً من المال ولا الجاه ولا السلطان، ثم أمده بالمال والغنى والثروة، ورزقه بالأولاد، وجمع شملهم حوله فهم حضور في كل مواقفه لعدم احتياجهم إلى التكسب، وهو الذي مهد له وأعطاه الجاه والسلطة


(١) سؤال: يقال: قد تقدم لكم أن الحشر بصيحة عظيمة ولعله في قوله: {يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ}⁣[ق: ٤٢]، فما المانع من أن يكون الناقور آلة لهذه الصيحة ولو كان الله قادراً على جمعهم بدونها كما في الداعي والمنادي التي أثبتها القرآن صراحة وتكون فيه حكمة ومصلحة للعباد؟ أم لا ترون هذا مناسباً فلماذا؟

الجواب: ولا مانع مع ما ذكرنا من الحمل على الحقيقة وإنما رأينا أن الحمل على المجاز أولى؛ لأن الله تعالى على كل شيء قدير فهو تعالى يخلق بغير آلة ولا يحتاج للآلة إلا الضعيف.

(٢) سؤال: وهل فيه أيضاً تهديد ووعيد للوليد بن المغيرة؟

الجواب: نعم في ذلك تهديد ووعيد للوليد بن المغيرة.

(٣) سؤال: فهل نصب على الحال من مفعول «خلق» المحذوف؟ وهل يؤخذ من ذلك قاعدة نحوية؟

الجواب: «وحيداً» منصوب على الحال من مفعول «خلق» وهو وإن كان محذوفاً فهو مقدر والمقدر في حكم الملفوظ، وعلى هذا فيؤخذ منه أن المقدر مثل الملفوظ.