سورة المدثر
  التفخيم والتهويل، نارٌ لا تتصور شدتها وأليم حرارتها.
  ومعنى {لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ}: تشوي اللحم وتنضجه.
  {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ٣٠} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أنه قد وكل على القيام بأعمال جهنم وتعذيب أهلها تسعة عشر صنفاً(١) من الملائكة، ويحتمل تسعةَ عشر ملكاً.
  {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً(٢) وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أن في تصريحه بهذا العدد فتنة للكافرين واختباراً(٣) لهم، وفعلاً فحين سمع الوليد بن المغيرة هذا الكلام وهذا العدد ضحك منه استهزاءً وسخرية وقال لزعماء قريش: اكفوني اثنين وأنا سأكفيكم سبعة عشر، وكان للوليد من الولد سبعة عشر ولداً ذكراً.
  {لِيَسْتَيْقِنَ(٤) الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ} وأيضاً ذكر الله سبحانه وتعالى عددهم ليزداد
(١) سؤال: يقال: فهل الأولى عدم تعيينه لأن الله أراد به الاختبار للكافرين فيكون مما استأثر الله بعلمه؟ أم كيف؟
الجواب: قد بين الله تعالى أن التسعة عشر هم من الملائكة {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً}.
(٢) سؤال: ما فائدة الحصر هذا؟
الجواب: الفائدة منه الرد على جهل قريش أنهم يستطيعونهم، أي: لا بشراً.
(٣) سؤال: فيم أريد اختبارهم؟
الجواب: أريد اختبارهم هل يؤمنون ويصدقون أم سيكون ذكر العدد مثاراً لاستهزائهم وسخريتهم، وفعلاً فقد سخروا واستهزأوا بهذا العدد المذكور فقال قائلهم: اكفوني اثنين وسأكفيكم سبعة عشر.
(٤) سؤال: ما الوجه في عدم عطف هذه العلة على قوله: «فتنة»؟ ووضحوا لنا معلولها؟
الجواب: قد وجه الزمخشري في الكشاف ذلك بأن المعنى: وما جعلنا عدتهم إلا تسعة عشر فوضعت «فتنة» موضع تسعة عشر؛ لأن هذا العدد تسعة عشر سبب للفتنة، وبذلك يرتفع الإشكال.