محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة المدثر

صفحة 551 - الجزء 4

  التفخيم والتهويل، نارٌ لا تتصور شدتها وأليم حرارتها.

  ومعنى {لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ}: تشوي اللحم وتنضجه.

  {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ٣٠} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أنه قد وكل على القيام بأعمال جهنم وتعذيب أهلها تسعة عشر صنفاً⁣(⁣١) من الملائكة، ويحتمل تسعةَ عشر ملكاً.

  {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً⁣(⁣٢) وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أن في تصريحه بهذا العدد فتنة للكافرين واختباراً⁣(⁣٣) لهم، وفعلاً فحين سمع الوليد بن المغيرة هذا الكلام وهذا العدد ضحك منه استهزاءً وسخرية وقال لزعماء قريش: اكفوني اثنين وأنا سأكفيكم سبعة عشر، وكان للوليد من الولد سبعة عشر ولداً ذكراً.

  {لِيَسْتَيْقِنَ⁣(⁣٤) الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ} وأيضاً ذكر الله سبحانه وتعالى عددهم ليزداد


(١) سؤال: يقال: فهل الأولى عدم تعيينه لأن الله أراد به الاختبار للكافرين فيكون مما استأثر الله بعلمه؟ أم كيف؟

الجواب: قد بين الله تعالى أن التسعة عشر هم من الملائكة {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً}.

(٢) سؤال: ما فائدة الحصر هذا؟

الجواب: الفائدة منه الرد على جهل قريش أنهم يستطيعونهم، أي: لا بشراً.

(٣) سؤال: فيم أريد اختبارهم؟

الجواب: أريد اختبارهم هل يؤمنون ويصدقون أم سيكون ذكر العدد مثاراً لاستهزائهم وسخريتهم، وفعلاً فقد سخروا واستهزأوا بهذا العدد المذكور فقال قائلهم: اكفوني اثنين وسأكفيكم سبعة عشر.

(٤) سؤال: ما الوجه في عدم عطف هذه العلة على قوله: «فتنة»؟ ووضحوا لنا معلولها؟

الجواب: قد وجه الزمخشري في الكشاف ذلك بأن المعنى: وما جعلنا عدتهم إلا تسعة عشر فوضعت «فتنة» موضع تسعة عشر؛ لأن هذا العدد تسعة عشر سبب للفتنة، وبذلك يرتفع الإشكال.