محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة المدثر

صفحة 554 - الجزء 4

  يَتَأَخَّرَ ٣٧ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ٣٨} أقسم الله سبحانه وتعالى على أن آيات⁣(⁣١) هذه السورة من أعظم آياته ومواعظه لعباده، وبعد أن أنذرهم الله سبحانه وتعالى بهذه الآيات أخبرهم أنهم موكولون إلى اختيارهم ومشيئتهم في اختيار أي الطريقين أرادوا، وفي هذا ما ينبئ عن التهديد كقولك لشخص بعد إعذاره وإنذاره: أنت حر فافعل ما شئت فقد أعذرتك وأنذرتك، وستتحمل وزرك على ظهرك. ومعنى «كل نفس بما كسبت رهينة»: كل نفس بما كسبت مرهونة عند الله.

  {إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ ٣٩ فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ ٤٠⁣(⁣٢) عَنِ الْمُجْرِمِينَ ٤١ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ٤٢ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ٤٣ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ٤٤ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ ٤٥ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ ٤٦ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ ٤٧} ثم استثنى الله سبحانه وتعالى عباده المتقين، فليسوا مرهونين بأعمالهم السيئة بل قد أعد الله سبحانه وتعالى لهم جنات النعيم، ثم أخبر عن حالهم في الجنة بأنهم سيجتمعون فيها مع أصدقائهم وإخوانهم يتساءلون فيما بينهم عما صار إليه المجرمون من العذاب في جهنم، وأنهم سيسألون المجرمين عن سبب دخولهم جهنم؟ فيجيبونهم بأنهم كانوا لا يؤدون ما افترض الله تعالى عليهم من الصلاة والزكاة، وكانوا يخوضون في الباطل والاستهزاء والتكذيب بالنبي ÷ وبآيات الله تعالى، وإذا رأوا لغواً وباطلاً فإنهم لا ينكرون ذلك بل يخوضون مع فاعليه في باطلهم وغيهم، وكانوا ينكرون البعث والحساب حتى ماتوا على طريقتهم هذه.


(١) سؤال: هل يصح أن يعود الضمير في «إنها» إلى سقر التي تقدم الحديث عنها أم لا؟ ولماذا؟

الجواب: يصح عوده إليها فهي موضع الإنذار في هذه السورة.

(٢) سؤال: ما موضع الجار والمجرور «في جنات»؟ وما محل جملة «يتساءلون»؟

الجواب: «في جنات» في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف، وتكون الجملة مستأنفة في جواب سؤال مقدر نشأ عن الاستثناء كأنه قيل: ما شأنهم وما حالهم. وجملة «يتساءلون» في محل رفع أيضاً خبر ثان.