محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة القيامة

صفحة 560 - الجزء 4

  وتعالى بذلك في يوم القيامة فإن الإنسان سيحكم⁣(⁣١) على نفسه بنفسه عندما يرى صحيفة أعماله ماثلة أمامه، ويعلم أنه لا ينفعه الإنكار أو الاعتذار: {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ١٤}⁣[الإسراء].

  {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ١٦ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ١٧⁣(⁣٢) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ١٨ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ١٩}⁣(⁣٣) كان جبريل # ينزل بالوحي على النبي ÷ فيقرأ عليه القرآن فيردد بعده النبي ÷ خوفاً من أن ينساه، فنهاه


(١) سؤال: يقال: ولم أنث «بصيرة»؟ ومم أخذت لفظة «بصيرة»؟ وهل يؤخذ منها أن الإقرار على النفس يلزم الإنسان أم أنها مخصصة في يوم القيامة كما قد يفهم من كلامكم؟

الجواب: يقال: بصيرة بمعنى حجة فتكون التاء للتأنيث، ويصح أن تكون التاء للمبالغة «بصيرة» أي: بصير بمعنى شاهد، وعليهما فيؤخذ منها أن المقر يؤخذ بإقراره فقوله على نفسه حجة، والآية وإن كانت واردة في ذكر يوم القيامة إلا أنها عامة غير مقيدة بزمان ومستقلة في إفادة المعنى غير مرتبطة بمعنى آخر.

(٢) سؤال: هل المراد بـ «قرآنه» في قوله: {جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ١٧} الاسم أم المصدر فيكون المعنى هكذا: أن نجمعه وأن نقرأه؟ أم ماذا؟

الجواب: المراد المصدر أي: إن علينا جمعه في صدرك وإثبات قراءته على لسانك.

(٣) سؤال: ما الذي نستفيده من قوله: «ثم إن علينا بيانه»؟

الجواب: يستفاد من ذلك:

- أن الرسول ÷ كان - أيضاً - يستعجل السؤال عن ما أجمل أو أبهم عندما يتلو عليه جبريل # الوحي.

- أن ما جاء به الرسول ÷ من بيان لمجمل أو لمبهم أو تخصيص أو تقييد أو ... إلخ أن ذلك بوحي من عند الله.

- أنه لا يصح أن يكتفي المسلم بالقرآن وحده؛ إذ لا بد من الرجوع إلى بيانه الذي أوحاه الله تعالى إلى نبيه ÷ المدلول عليه في هذه الآية بقوله: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ١٩}.

- وقد استدلوا بها على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب، ونحن نقول بجواز تأخيره عن وقت الخطاب، وأما تأخيره عن وقت الحاجة فلا يصح، ووقت الحاجة هو الوقت الذي يؤمر فيه المكلفون بفعل أمر مجمل كأقيموا الصلاة، فلا يصح أن يكلفهم الله تعالى بالصلاة من غير أن يبين لهم كيفيتها لأن ذلك يكون تكليفاً بما لا يطاق.