محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الإنسان

صفحة 571 - الجزء 4

  حكمته اقتضت أن ينزل عليه القرآن شيئاً⁣(⁣١) فشيئاً، وأن لا ينزله عليه دفعة واحدة؛ وأمره أن يصبر على أذى قومه واستهزائهم في سبيل تبليغ الرسالة والوحي الذي ينزل عليه، وأن لا يبالي بهم ولا بتهديداتهم ولا يترك ما أمر به من تبليغ رسالة الله إليهم.

  {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ٢٥ وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا ٢٦} وداوم على ذكر ربك وأداء ما افترض عليك من الصلوات، والبكرة: هي صلاة الفجر، والأصيل: هي صلاة الظهر⁣(⁣٢) والعصر، ومن الليل: أراد الله سبحانه وتعالى بها صلاة المغرب والعشاء.

  وأراد بقوله «سَبِّحْهُ»⁣(⁣٣): داوم على أداء النوافل التي أمرك الله سبحانه وتعالى بها في الليل، وقد أمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ بذلك ليستعين به⁣(⁣٤) على أمره.

  {إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا ٢٧ نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ


(١) سؤال: من أين استفدنا هذا؟

الجواب: استفيد ذلك من تضعيف الفعل «نزَّل» فإنه يدل على أن إنزال القرآن كان شيئاً فشيئاً، وقد جاء بيان الحكمة من ذلك في سورة الإسراء.

(٢) سؤال: يقال: كيف يطلق الأصيل على صلاة الظهر وهو قبيل غروب الشمس؟

الجواب: يصح ذلك من حيث أنها تصح فيه صلاة الظهر والعصر، أو أن تسمية ما بعد الزوال بالأصيل من باب تسمية الشيء باسم جزئه.

(٣) سؤال: هل قوله: «وسبحه» متعلق بما قبله «ومن الليل»؟ أم بما بعده «ليلاً طويلاً»؟

الجواب: هو متعلق بما بعده، فليلاً ظرف لسبحه.

(٤) سؤال: هل المراد ليستعين بالنوافل على تبليغ الرسالة أم الضمير في «به» عائد إلى الباري سبحانه؟

الجواب: المراد ليستعين بالصلوات على تبليغ رسالة ربه، وقد قال تعالى في آية أخرى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ}⁣[البقرة: ٤٥]، وفي هذه السورة أتبع الله تعالى الأمر بالصبر الأمر بالصلاة، وهكذا في آخر سورة (ق).