محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الإنسان

صفحة 572 - الجزء 4

  وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ⁣(⁣١) تَبْدِيلًا ٢٨} وأخبره أن قومه هؤلاء قد آثروا الحياة الدنيا، وانجروا وراء شهواتها وزينتها معرضين عما ينتظرهم من الموت، وعما وراءهم⁣(⁣٢) من البعث والحساب والجزاء، ولكنهم لن يستطيعوا أن يفروا من قبضة الله تعالى، ومرجعهم سيكون إليه، ومتى أراد أن يأخذهم فلن يفوتوه، ولو أراد أن يأخذهم بذنوبهم لأخذهم واستبدل بهم قوماً غيرهم أفضل منهم؛ أراد الله سبحانه وتعالى بكل ذلك من نبيه ÷ أن لا يستعجل نزول العذاب على قومه فهم في قبضته وتحت سيطرته، ومعنى «يوماً ثقيلاً»: شديد الأهوال والأفزاع. ومعنى «وشددنا أسرهم»: أحكمنا ربط مفاصلهم بالأعصاب.

  {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا ٢٩ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ⁣(⁣٣) اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ٣٠} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أنه قد أنزل هذه السورة تذكرة لمن أراد أن يتذكر بآياتها ويطلب سبيل الهدى، وأخبرهم أنهم مهما حاولوا في طلب الهدى ومهما بحثوا عنه فلن يستطيعوا أن يهدوا أنفسهم لولا مشيئة الله أن يهديهم وحكمته التي اقتضت أن يبعث لهم الأنبياء الذين يدلونهم على مراشد دينهم، ويبصرونهم طريق الحق والهدى.


(١) سؤال: ما وجه نسبة التبديل إلى أمثالهم لا إليهم أنفسهم؟

الجواب: الأصل: وإذا شئنا بدلناهم بأمثالهم فأوجز بحذف المفعول به، ووضع مكانه أمثالهم أي: كأنه حذف المفعول به الأول لعدم الإلباس.

(٢) سؤال: هل المراد بقوله: «وراءهم» أمامهم مجازاً والعلاقة الضدية؟ أم كيف؟

الجواب: «وراءهم» في هذه الآية مستعملة في معناها الحقيقي، وذلك أن الآخرة بعد الدنيا وخلفها ووراءها.

(٣) سؤال: فضلاً ما موضع «أن يشاء الله» من الإعراب؟

الجواب: موضعها الجر بالإضافة؛ لأن التقدير: إلا وقت أن يشاء الله، أو حال أن يشاء الله، ولك أن تقول: إنه منصوب بنزع الخافض.