سورة المرسلات
  وكأنهم آمنون أن يلحقهم مثل ما لحق أولئك المكذبين ممن سبقهم مع أنهم قد عرفوا ما جرى عليهم من العذاب جزاءً على تكذيبهم.
  {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ٢٠ فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ٢١ إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ ٢٢ فَقَدَرْنَا(١) فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ ٢٣ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ٢٤} ثم استنكر الله سبحانه وتعالى على المشركين إنكارهم للبعث بعد الموت، واستبعادهم ذلك حاملاً لهم على الإقرار بما هو أصعب من البعث في عقولهم فكأنه قال لهم: أليس من قدر على خلقكم من ذلك الماء المهين قادراً على خلقكم وإيجادكم مرة أخرى؟ ثم أخبر الله سبحانه وتعالى عن كيفية خلقهم من النطفة التي يضعها الرجل في رحم المرأة، بأنه يحفظها في ذلك المكان تسعة أشهر حتى تتكون إنساناً سوياً بقدرته وعلمه، فكيف ينكر من هذا أصله قدرة الله تعالى على إعادته وبعثه؟
  {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا ٢٥ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا(٢) ٢٦ وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا ٢٧ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ٢٨}(٣) ثم يستنكر الله سبحانه
(١) سؤال: هل معنى قوله: «فقدرنا» قَدَّرنا ذلك الإنسان ذكراً أو أنثى؟ أم ماذا؟ وما وجه حذف مفعول «قدرنا»؟
الجواب: إذا شددت دال «قدَّرنا» فالمراد تقدير خلق الإنسان في بطن أمه ذكراً أو أنثى وتقدير مراحل الخلق من نطفة إلى علقة ... إلى ... إلخ، وتقدير مدة تكوينه في بطن أمه. وإن خففت الدال «قَدَرنا» فالمراد قدرنا على حفظه في بطن أمه وعلى تكوينه وخلقه، وحذف متعلق قدرنا للعلم به مما سبق أي: قدرنا خلقكم ذلك من الماء المهين في بطون أمهاتكم
(٢) سؤال: ما نوع اسمية «كفاتاً»؟ وعلام انتصب «أحياءً وأمواتاً»؟
الجواب: «كفاتاً» جمع كافت اسم فاعل، أو مصدر كفت كفاتاً كحسب حساباً، أو اسم للموضع الذي يكفت فيه الشيء أي: يضم ويجمع. «أحياءً وأمواتاً» مفعول به لكفاتاً.
(٣) سؤال: ما السر في تكرير الوعيد بالويل للمكذبين فيما قبل هذه الآية وما بعدها؟
الجواب: ليس في ذلك تكرير لأن كل وعيد بالويل للمكذبين في هذه السورة ورد في موضوع مخالف لغيره مما ذكر منها، فأول ما ورد من «ويل يومئذ للمكذبين» جاء وعيداً للمكذبين بيوم الفصل، وثاني ما ورد منها جاء وعيداً للمكذبين بقدرة الله على إهلاك الآخرين =