سورة النازعات
  والطاغي: هو الذي يتجاوز الحق إلى الباطل؛ أخبر الله سبحانه وتعالى أن من تجاوز حدوده وآثر شهواته ولذات الدنيا على طاعة ربه فإن الجحيم سيكون مأواه، وأن من اتقاه وخاف لقاءه وحفظ ما استحفظه الله عليه والتزم بحدوده وعهوده، واستعد للقائه وترك الانقياد لهوى نفسه، وآثر طاعة الله تعالى على هواه فإن الجنة ستكون مسكنه ومأواه.
  {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ٤٢ فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا ٤٣ إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا ٤٤ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا ٤٥ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا(١) لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً
= ما نهاه الله تعالى من المعاصي والسيئات فلا يضره إذا امتلأت يداه فضة وذهباً وامتلأ بيته خيراً وفضلاً وتوسعت تجارته شرقاً وغرباً، فإذا كان المكلف محافظاً على ما ذكرنا فليس ممن آثر الحياة الدنيا، ومن جملة ما فرض الله عليه أداء الزكاة والإحسان إلى الوالدين والأقربين ... وإلى آخر ما يلزم من الحقوق المالية، ومن جملة ما فرض الله عليه: ترك المعاملة بالربا وما يلحق به من المعاملات المحرمة، وترك المعاملات المشبوهة التي التبس أمرها هل هي حلال أو حرام، ويجب عليه أن يسأل العلماء فيما خفي عليه حكمه من المعاملات قبل الدخول فيها لئلا يقع فيما لا يجوز.
وضابط الهوى الذي مدح الله تعالى هنا من نهى نفسه عنه هو يتحقق: بأن يستقيم المكلف على الامتثال بفعل ما أمر الله بفعله، وعلى الانتهاء عما نهى الله تعالى عنه، فمن كان كذلك فهو ممن نهى النفس عن الهوى، إلا أن هذا لا يتم إلا بأن يعلم المكلف ما هو الذي أمر الله به وما هو الذي نهى الله تعالى عنه، ولا يتم ذلك إلا بالتعلم أو على الأقل بالسؤال للعلماء ومجالسة العلماء وطلبة العلم والاستماع إليهم وكثرة السؤال لهم في كل صغير وكبير.
(١) سؤال: ما إعراب «أيان مرساها فيم أنت من ذكراها» مفصلاً، وأيضاً «كأنهم يوم يرونها»؟
الجواب: «أيان» ظرف زمان مضمن معنى الاستفهام متعلق بمحذوف خبر مقدم. «مرساها» مبتدأ مؤخر مضاف إلى الضمير. «فيم» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. «أنت» مبتدأ مؤخر. «من ذكراها» متعلق بمحذوف حال لبيان الإبهام الذي في المجرور، وجملة «كأنهم يوم ..» لا محل لها من الإعراب مستأنفة لبيان حالهم عند مجيئها لئلا يستبعدوها.