محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة عبس

صفحة 599 - الجزء 4

  فَقَدَّرَهُ ١٩}⁣(⁣١) لعن الإنسان ما أشد كفره بالله تعالى وتكذيبه بآياته ورسله.

  ثم استنكر الله سبحانه وتعالى عليه كفره وإنكاره للبعث بعد الموت، فلماذا لم ينظر إلى أصل خلقه كيف خلقه من النطفة خلقاً بعد خلق حتى جعله بشراً سوياً؟ ألا يكون من قدر على ابتداء خلقه قادراً على إعادته وخلقه مرة أخرى.

  {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ⁣(⁣٢) ٢٠ ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ⁣(⁣٣) ٢١ ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ ٢٢} ولماذا يكفر بالله تعالى وينكر نعمه العظيمة عليه وهو يرى أن الله تعالى سهل له سبل معايشه، وقد يكون المعنى سهل له سبيل خروجه من بطن أمه، وحفظه ورعاه وسهل له سبل معيشته حتى موته، وأنه تعالى قد أكرمه بأن جعل بطن الأرض مستودعاً يحفظه ويستره بعد موته، وأنه بعد ذلك لا بد أن يبعثه ويحييه من جديد.


= والهاء مفعول به. «من أي شيء» متعلق بـ «خلقه» الذي بعده، والاستفهام للتحقير، والسر في فصل جملة «من نطفة خلقه» هو أن الجملة جواب لسؤال محقق، ويجوز أن تكون بدلاً بناءً على أن الجملة المبدل منها خبرية في المعنى؛ إذ الاستفهام للتحقير فكأنه قال: من شيء حقير خلقه.

(١) سؤال: يقال: الظاهر أن الخلق هو التقدير فما وجه العطف عليه بالفاء في قوله: «فقدره»؟

الجواب: قوله: «من نطفة خلقه» المراد بيان ابتداء خلق الإنسان لذلك قدم الجار والمجرور، وقوله «فقدره» لبيان كيفيات خلق الإنسان وتسويته على مقادير مناسبة للحكمة والمصلحة وجاءت بالعطف بالفاء لبيان أن التقدير كان بعد ابتداء الخلق مباشرة من غير مهلة.

(٢) سؤال: فضلاً ما إعراب «ثم السبيل يسره»؟ وهل يصح أن يحمل تيسير السبيل على تبيين طريق الهدى وطريق الضلال كما في قوله: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ٣}⁣[الإنسان: ٣]؟

الجواب: «السبيل» مفعول به لفعل محذوف على سبيل الاشتغال، «يسره» فعل وفاعل ومفعول، ولا محل للجملة من الإعراب لكونها مفسرة. ولا مانع من تفسير السبيل بما ذكرتم من أنه سبيل الهدى فاللفظ محتمل لما ذكرنا ولما ذكرتم، وقد فسر بالوجهين

(٣) سؤال: ما السر في قوله: «فأقبره» دون: فقبره؟

الجواب: السر هو أنه أمر بقبره أو عَلَّمَ الناس بقبره.