محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة التكوير

صفحة 604 - الجزء 4

  الدنيا، وسترى أعمالها ماثلة ومكتوبة في صحيفتها التي قد سجل فيها كل صغير وكبير من أعمالها.

  {فَلَا⁣(⁣١) أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ ١٥ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ ١٦ وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ ١٧ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ١٨} الخنس: هي النجوم التي تظهر وتختفي، والجوار: يعني التي تجري وتسبح في السماء، والكنس⁣(⁣٢): كذلك التي تظهر وتختفي، وعسعس: يعني بدأ في ظلمته، وتنفس: يعني بدأ ضوءه وظهر؛ وقد أقسم الله تعالى بهذه الأشياء ليبعث عباده على


= أَمَدًا بَعِيدًا}⁣[آل عمران: ٣٠]، وقد قالوا: إن السر والنكتة في ذلك هي إظهار العظمة والكبرياء من خلال الكلام فأهل المحشر - وإن كانوا هم جميع بني آدم من أولهم إلى آخرهم - هم قليل بالنظر إلى عظمة الله وسعة ملكه وعظمة مخلوقاته وكثرتها وإحاطة قدرته؛ لذلك عبر عن أهل المحشر بنفس لكونهم بالنسبة لعظمة الله وسعة ملكه كنفس واحدة، وهذا هو من المجاز المرسل وعلاقته استعمال الخاص في العام، ولهذا الباب أمثلة.

(١) سؤال: هل «لا» هذه زائدة للتأكيد أم لها وجه آخر؟ وما يكون إعراب «إذا» في قوله: «إذا عسعس» وأمثالها؟

الجواب: أحسن ما قيل في إعراب «لا» في مثل هذا الموضع إنها زائدة لتأكيد القسم، وبه قال الإمام الهادي #. وتعرب «إذا» هنا ظرفاً لفعل القسم وليس فيها معنى الشرط ويصح أن نقول إنها شرطية وجوابها مدلول عليه بفعل القسم.

(٢) سؤال: ما رأيكم في قول الإمام زيد # في الكنَّس: هي النجوم وهي خمسة كواكب: مرجان وزحل وعطارد وبهرام والزهرة، وهكذا أيضاً روي عن الإمام علي #؟ وهل يقتضي كلامهما مخالفة الكنس للخنس حين قال الإمام زيد # بأن الخنس هي النجوم تخنس بالنهار؟

الجواب: الخنس: هو الرجوع بعد الإقبال، وقد قالوا: إن الخمسة النجوم تسير في أفلاكها إلى أن تصل إلى مطالعها ومطالعها كما قالوا هي في سمت رؤوسنا تقريباً فإذا وصلت إلى مطالعها هذه تباعدت منها، فتباعدها هو خنوسها، وعلى هذا فإن لهذه الخمسة النجوم خنوس خاص من بين النجوم، ولها خنوس آخر مع النجوم، هو اختفاؤها بنور الشمس فكل نجوم السماء وكواكبها تخنس في النهار أي تختفي، فعلى هذا التفسير والتوجيه لا معارضة.