سورة التكوير
  بمتهم فيما حذرهم وأنذرهم وأخبرهم به من أمر البعث والحساب والجنة والنار، وأن ما يسمعونه منه ليس من كلام السحرة والشياطين.
  {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ(١) ٢٦ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ٢٧ لِمَنْ(٢) شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ ٢٨} فأين تذهب بكم ظنونكم حتى تقولوا عنه ما تقولون وتنسبوا إليه ما ليس فيه من الشعر والجنون والسحر، وأخبرهم أن ما يسمعونه يقرأه من القرآن ليس إلا كلام رب العالمين أنزله ليذكرهم ويعظهم بآياته، وأنه لن يتذكر بآياته إلا من أراد الاستقامة على طريق الحق والصواب.
(١) سؤال: فضلاً ما إعراب «فأين تذهبون»؟ وما المراد بالاستفهام هنا؟
الجواب: «فأين» ظرف مكان متعلق بتذهبون، «تذهبون» مضارع والواو فاعل، والمراد بالاستفهام تجهيل المخاطبين وإعلان ضلالهم.
(٢) سؤال: فضلاً ما إعراب «إن هو إلا ذكر»؟ وهل قوله: «لمن شاء» بدل من الجار والمجرور السابق «للعالمين»؟ وما يبتني على ذلك من معنى؟
الجواب: «إن» نافية، «هو» مبتدأ، «إلا» أداة استثناء مفرغ، «ذكر» خبر، «للعالمين» متعلق بمحذوف صفة لذكر، و «لمن شاء» بدل من «للعالمين» بإعادة الجار، والذي يبتني على ذلك بطلان قول المجبرة الذين قالوا: إن الكافرين مضطرون على الكفر غير قادرين على الخروج منه؛ لأنه ليس لهم مشيئة ليتمكنوا بواسطتها من اختيار الإسلام إلا أن هذه الآية تكذبهم وتبطل قولهم ومذهبهم الفاسد، وأما استدلالهم على أنه لا مشيئة للكافرين بقوله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ٢٩}[التكوير]، فليس فيه دليل كما توهموا؛ لأن المعنى: لا سبيل لكم أيها العالمون إلى الاستقامة ولا قدرة لكم على مشيئتها لأنها أحكام وشرائع وعبادات بدنية ومالية وعقائد و ... إلخ إلا أن يشاء الله أن يعلمكم ويبين لكم ذلك، وقد شاء الله تعالى ذلك فأرسل الرسل وكان آخرهم خاتمهم À جميعاً ورحمته وبركاته الذي بعثه الله إليكم أيها المخاطبون وأوحي إليه بالقرآن، {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ٢}[الجمعة].