محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الفجر

صفحة 635 - الجزء 4

  رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ١٤} لا تستبعد يا محمد أن ينزل بقومك من العذاب مثل ما نزل بقوم عاد، وما حل بقوم صالح وبفرعون فقد استحقوا العذاب واستحكم عليهم غضب الله تعالى، فعذاب الله تعالى نازل بهم لا محالة كما نزل بهؤلاء.

  وإرم ذات العماد: هي مدينة⁣(⁣١) محكمة البناء كانت لقوم عاد، وكانوا قد تأنقوا⁣(⁣٢) في عمارتها وتفننوا في ذلك، ولم يكن على وجه الأرض مثلها في ذلك العصر، فدمرها الله سبحانه وتعالى بشؤم كفرهم وتكذيبهم بنبيهم هود #.

  وأهلك الله تعالى ثمود حين كذبوا بنبيهم وتمردوا عليه، وقد كانوا أهل قوة شديدة، وكانوا ينحتون من الجبال⁣(⁣٣) بيوتاً، ولا تزال بيوتهم المنحوتة في الجبال قائمة إلى اليوم، وهي ما بين المدينة وتبوك وتسمى مدائن صالح.


(١) سؤال: إذا كانت هي المدينة فما وجه جرها بالفتحة؟ وكيف نفهم البدلية في ذلك؟ وهل قوله: «العماد» مفرد أو جنس الأعمدة؟ ومم كانت هذه الأعمدة؟

الجواب: «إرم» اسم للمدينة والبلدة سميت باسم جدهم ففيها العلمية والتأنيث، والبدلية تكون على تقدير مضاف أي: أهل إرم، والمراد بالعماد: الأعمدة والأساطين العظيمة وقد كانت من الحجار كالتي لا تزال موجودة اليوم في الجوف ومأرب.

(٢) سؤال: ما وجه وصفها بعدم خلق مثلها إذا كانت من فعلهم؟

الجواب: بناء إرم ذات العماد قد كانت من فعل عاد وصنعهم وفي هذا دلالة على صحة إطلاق الخلق على فعل الإنسان، وقد قال تعالى: {وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا}⁣[العنكبوت: ١٧]، وقد يكون في إطلاق الخلق هنا إشارة إلى أن هناك صناعة محكمة وهندسة عجيبة وحسن تقدير والله أعلم.

(٣) سؤال: كيف قوله: «بالواد» مع أن الظاهر أن القطع بالجبل لا بالوادي؟ ومم أخذت كلمة «جابوا» وكلمة «سوط»؟ وما هو معناها الدقيق؟

الجواب: كانت الجبال التي نحتوها في جانب الوادي، وقد تكون البلاد تلك تسمى بالوادي بما فيها من جبل وأرضٍ ووادٍ، و «جابوا» مأخوذ من الْجَوْب، جاب يجوب جوباً، كقال يقول قولاً، والجوب: القطع أو النحت. وقيل: إن السوط مصدر ساط يسوط أي: خلط خلطاً من باب (قال)، هذا أصل «سوط».