محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة البلد

صفحة 641 - الجزء 4

  أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ ٧}⁣(⁣١) من طبيعة الإنسان⁣(⁣٢) الكافر الغرور بسبب ما هو فيه من الترف والأمن والصحة فيظن بسبب ذلك أنه في مأمن من بأس الله تعالى وعذابه، وأنه لن يقدر أحد أن يناله بمكروه، ويقول فخراً وغروراً: أهلكت مالاً كثيراً، أيظن أن الله سبحانه وتعالى لا يراه؟ كلا فإن الله سبحانه وتعالى يحصي عليه جميع أعماله، وسيحاسبه عليها يوم القيامة.

  {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ٨ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ ٩ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ١٠} يحتج الله سبحانه وتعالى على المشركين المنكرين للبعث والحساب بعد الموت فيذكر لهم هنا آيات قدرته التي جعلها في أنفسهم، فلو تفكروا ونظروا في أنفسهم وما فيها من الخلق البديع في الآلات التي يحتاجونها لعلموا أن الله سبحانه وتعالى قادر على بعثهم بعد موتهم، ولما استبعدوا ذلك. ومعنى «وهديناه النجدين»: بينا له طريق الهدى والضلال وطريق الخير والشر.

  {فَلَا⁣(⁣٣) اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ١١ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ ١٢ فَكُّ رَقَبَةٍ ١٣ أَوْ إِطْعَامٌ فِي


(١) سؤال: ما المناسبة في التعبير بـ «يره» مع «يقول»؟ ولم يقل: يسمعه أحد؟

الجواب: المراد أن لم يره أحد عندما كان ينفق المال الكثير رياءً وفخراً وفي حرب الله ورسوله ÷.

(٢) سؤال: ما الوجه في تخصيصها بالكافر رغم أن المكابدة المذكورة في الآية قبلها تعم المؤمن والكافر؟

الجواب: المكابدة تعم المؤمن والكافر إلا أن السياق خصص الإنسان بالكافر.

(٣) سؤال: هل هنا استفهام أم ماذا؟ وعلام رفع قوله: «فك رقبة»؟ وكيف أعمل المصدر «إطعام» في «يتيماً» رغم الفصل الكثير؟ ومم أخذت لفظة «مسغبة»؟ وما نوع اسمية «مسغبة، متربة، مرحمة»؟

الجواب: الاستفهام إنكاري أو تقريري لما بعد النفي في: «ألم نجعل له ..» أما قوله: «فلا اقتحم العقبة» فليس فيه استفهام أصلاً. ورفع «فك ..» على أنه خبر مبتدأ محذوف أي: هي فك رقبة. والفصل بين المصدر «إطعام» وبين منصوبه «يتيماً» لا يمنع من العمل؛ لأن الفاصل «في يوم ذي مسغبة» معمول للمصدر أيضاً فـ «يتيماً» و «في يوم ذي مسغبة» معمولان للمصدر، فلا يعتبر الجار والمجرور فاصلاً، وإنما قدم المعمول الثاني على المعمول الأول. ومسغبة، ومتربة، ومرحمة: مصادر.