محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة النساء

صفحة 286 - الجزء 1

  {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} كانوا يكفلون بناتاً يتامى، وكانوا يتزوجونهن لأجل أموالهن، فقال الله لهم: إذا خفتم ألا تعدلوا فيهن، فلا تتزوجوا بهن لأجل أموالهن فقط، بأن تتزوجها ولا تعاشرها بالمعروف، فاتركها لتتزوج ممن يرغب في معاشرتها بالمعروف.

  {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ}⁣(⁣١) فتزوجوا ما طاب لكم من غير أولئك اليتامى، مثنى وثلاث ورباع؛ لأن الرجل كان يتزوج بقريبته هذه وهي اليتيمة التي تحت ولايته، ويأبى أن يزوجها؛ لأجل مالها، ولا يتزوجها هو رغبةً فيها، وإنما في مالها.

  {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} فإذا خاف الشخص الحيف وعدم العدل إن تزوج بأكثر من واحدة، فلا يتزوج إلا واحدة.

  {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} أو يكتفي بما ملكت يمينه من الإماء.

  {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا ٣} ذلك أقرب إلى أن الإنسان لا يجور ولا يظلم⁣(⁣٢).


(١) – سؤال: يقال: ظاهر الآية أن الواو للجمع لا التخيير والتوزيع وإلا لاستخدمت «أو»، فكيف يرد على من قال: الظاهر جواز التسع؟

الجواب: لو جاء بـ «أو» التي للتخير لما ساغ لهم أن يتزوجوا إلا على أحد أنواع تلك الأعداد، والأمر في الآية متوجه إلى جماعة المخاطبين وجميع المسلمين، ومعنى الأعداد: اثنتين اثنتين، وثلاث ثلاث، وأربع أربع، ومثل ذلك لا يكون إلا على التوزيع وقد مثلوا للتوزيع بنحو: «اقتسموا هذا المال درهمين درهمين، وثلاثة ثلاثة، وأربعة أربعة»، فليس لكل واحد من المخاطبين إلا نوع واحد، وليس له أن يأخذ أنواع الأعداد الثلاثة، هكذا نقلوا عن أهل اللغة العربية مما تعارفوا عليه في لغتهم وبها نزل القرآن.

(٢) – سؤال: إذا كان معنى «تعولوا»: تجوروا وتظلموا، فمم أخذ ذلك؟

الجواب: العول هو الميل المحسوس، يقال: عال الميزان عولاً إذا مال، ثم استعمل في الميل المعنوي وهو الجور والظلم.