محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة النساء

صفحة 287 - الجزء 1

  {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} أعطوهن مهورهن نحلة، يعني عطية طيبة بها أنفسكم⁣(⁣١).

  {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ٤} إذا تنازلت الزوجة عن شيء من مهرها طيبة به نفسها، فهو حلال لكم.

  {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} لا تعطوا السفهاء، وهم: الأيتام الذين لا زالوا قاصرين عن الرشد، فلا تعطوهم أموالهم؛ لأنهم سيضيعونها؛ لأنهم ليسوا أهلاً لحفظ أموالهم {الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} لأن الحياة تقوم بالأموال، وهم سيضيعون المال الذي به قوام الحياة، واستمرار المعيشة⁣(⁣٢).


(١) – سؤال: يقال: ظاهر النِّحلة العطية بدون مقابل، والمهر في مقابل، فكيف يوجه ذلك؟

الجواب: النِّحلة وإن كانت بدون مقابل بطيبة نفس، إلا أن الله تعالى أمر الأزواج بأن يؤتوا زوجاتهم مهورهن، فتجب النحلة بالمهر للزوجة بطيبة نفس من الزوج، وسميت الصدقات نحلة للإشارة –والله أعلم - إلى أن للزوج فضلاً بإعطائها كفضل المنحل، وأن يعطيها بطيبة من نفسه من غير مماطلة ومعاسرة.

(٢) – سؤال: يقال: ظاهر الآية أنها في أموال الأولياء المخاطبين أنفسهم، فهل تصلح دليلاً للحنفية على الحجر على السفيه سيء التصرف ولو كان كبيراً؟ أم كيف توجه في أموال الأيتام؟

الجواب: ظاهر الآية كما ذكرتم لكنه لزم العدول عن الظاهر لقوله تعالى في غيرها: {وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ٥}، ثم ساق في أموال الأيتام فقال: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} ... إلى قوله: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ}، والآية وإن كانت في أموال اليتامى فإنه يؤخذ منها الدليل على الحجر على السفيه، وقد دلت هذه الآية على أن السَّفَه علة لمنع السفيه «اليتيم» الذي لم يبلغ الرشد عن التصرف بماله، وإن لم يكن النص هنا صريحاً فقد نص في آية البقرة على عليته. وإذا كانت العلة هي السَّفه فتعم الكبير والصغير والسَّفه الأصلي والطارئ.