محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة النساء

صفحة 297 - الجزء 1

  الآية كما قلنا خطاب للمؤمنين، وتهديد لهم إن خالفوا أوامره، وتعدوا حدوده.

  {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} التي تأتي بالفاحشة - وهي الزنا - من نسائكم أيها المؤمنون، فأشهدوا على ذلك أربعة شهود منكم، فإذا شهدوا عليها بذلك، قال الله: {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ} وامنعوهن من الخروج.

  {حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا ١٥} إلى أن يمتن أو يجعل الله لهن مخرجاً من ذلك، كان هذا في أول الإسلام ثم نزلت بعد ذلك آية النور فنسختها بالجلد لمن يرتكب جريمة الفاحشة.

  {وَاللَّذَانِ⁣(⁣١) يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا ١٦} والرجال كذلك إذا أتوا الفاحشة وهي الزنا فآذوهما أي: ألحقوا بهم الأذى والذل، إما بحبس أو ضرب أو جلد، أو غير ذلك، وهذا يسمى التعزير، وإذا حصلت التوبة - فكفّوا عن ذلك واتركوهم.

  وهذه الآية أيضاً قد نسخت بآية الجلد في سورة النور.

  {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ١٧} التوبة المقبولة من الله للذين يعملون المعاصي بجهالة، وكل من عمل معصية فقد عملها بجهالة، ولو كان يعلم أنها معصية⁣(⁣٢)، ثم يتوبون قبل الموت، وقبل أن يروا ملائكة الموت، فسوف


(١) سؤال: ما العلة في تثنية الاسم الموصول في الآية؟

الجواب: ما ذكرناه هو أحد التفاسير، وهو أن الآية الأولى في الزانيات من النساء، والآية الثانية في الزانيين من الرجال، وأولى من ذلك أن تفسر الآية الأولى بالزانيات الثيبات بدليل قوله {مِنْ نِسَائِكُمْ} وتفسر الآية الثانية بالرجل والمرأة البكرين، والله أعلم.

(٢) سؤال: يقال: كيف تكون بجهالة مع أنه عالم بها؟

الجواب: يُقْدِم العالم بالمعصية التي أقدم عليها بسبب جهالةٍ زينتها له نفسه وحسَّنتها شهوته، نحو أن يمني نفسه التوبة والمغفرة بعد المعصية، أو أن الله غفور رحيم لا يعاجل العاصين =