سورة النساء
  الآية كما قلنا خطاب للمؤمنين، وتهديد لهم إن خالفوا أوامره، وتعدوا حدوده.
  {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} التي تأتي بالفاحشة - وهي الزنا - من نسائكم أيها المؤمنون، فأشهدوا على ذلك أربعة شهود منكم، فإذا شهدوا عليها بذلك، قال الله: {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ} وامنعوهن من الخروج.
  {حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا ١٥} إلى أن يمتن أو يجعل الله لهن مخرجاً من ذلك، كان هذا في أول الإسلام ثم نزلت بعد ذلك آية النور فنسختها بالجلد لمن يرتكب جريمة الفاحشة.
  {وَاللَّذَانِ(١) يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا ١٦} والرجال كذلك إذا أتوا الفاحشة وهي الزنا فآذوهما أي: ألحقوا بهم الأذى والذل، إما بحبس أو ضرب أو جلد، أو غير ذلك، وهذا يسمى التعزير، وإذا حصلت التوبة - فكفّوا عن ذلك واتركوهم.
  وهذه الآية أيضاً قد نسخت بآية الجلد في سورة النور.
  {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ١٧} التوبة المقبولة من الله للذين يعملون المعاصي بجهالة، وكل من عمل معصية فقد عملها بجهالة، ولو كان يعلم أنها معصية(٢)، ثم يتوبون قبل الموت، وقبل أن يروا ملائكة الموت، فسوف
(١) سؤال: ما العلة في تثنية الاسم الموصول في الآية؟
الجواب: ما ذكرناه هو أحد التفاسير، وهو أن الآية الأولى في الزانيات من النساء، والآية الثانية في الزانيين من الرجال، وأولى من ذلك أن تفسر الآية الأولى بالزانيات الثيبات بدليل قوله {مِنْ نِسَائِكُمْ} وتفسر الآية الثانية بالرجل والمرأة البكرين، والله أعلم.
(٢) سؤال: يقال: كيف تكون بجهالة مع أنه عالم بها؟
الجواب: يُقْدِم العالم بالمعصية التي أقدم عليها بسبب جهالةٍ زينتها له نفسه وحسَّنتها شهوته، نحو أن يمني نفسه التوبة والمغفرة بعد المعصية، أو أن الله غفور رحيم لا يعاجل العاصين =