سورة النساء
  أما إذا كانت هي السبب في ذلك بأن كانت عاصية له ومتمردة عليه، فيجوز للزوج أن يمتنع عن تطليقها إلا بعد أن ترد له المهر، وهذا هو المراد بالفاحشة المبينة؛ وليس المراد بها الزنا كما قيل، وإنما المراد بها عصيان زوجها ونشوزها عنه.
  والمراد بالمعاشرة بالمعروف: أن تفعل أيها الزوج كما يفعل الناس من المعاملة الحسنة، ولا تكلفها أكثر من ذلك، ولا تنقصها مما جرى به العرف بين الأزواج، وهي عليها كذلك مثل ما تفعل نساء بلادها، وكل بلاد بحسب عرفها.
  {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ١٩} فإذا كرهتم النساء فاصبروا عليهن فعسى أن يكون في ذلك خيرٌ كثيرٌ، بأن يرزقكم الله منهن الذرية الصالحة، وقد عاينا ذلك في كثير من الناس(١).
  {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} قد كان يوجد مع الرجل زوجة ويريد أن يتزوج بالثانية، ثم يقوم فيضغط على الأولى لأجل أن ترد ما أعطاها من المهر، ثم يطلقها لأجل أن يتزوج بهذه الثانية، ويعطيها ذلك المهر الذي ردته الأولى؛ فأخبر الله تعالى بأنه لا يجوز أن يأخذ من هذه الزوجة شيئاً على هذه الصفة لأجل هذا الغرض ولو قد أعطاها قنطاراً، والقنطار هو: ملء جلد الثور ذهباً.
  {أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ٢٠}(٢) أخبر الله تعالى أن صنيعهم ذلك منكر،
(١) سؤال: هل يصح أن نحمل الخيرية على غير الذرية الصالحة أم لا؟
الجواب: نعم فليست محصورة في الذرية الصالحة، فقد يكون في الزوجة وبقاءها مع الزوج صلاح دين الزوج ودنياه، وكثرة رزقه، وسلامته وصحة بدنه وعقله وحواسه و ... إلخ، إلا أن الله تعالى أطلق ذكر الخير الكثير ولم يحدده، إلا أن الذي يلوح في الذهن عند ذكر الخير الكثير هو المال والبنون والرزق الواسع والصحة والأمن والسلامة و ... إلخ.
(٢) سؤال: علام نصب قوله: {مَكَانَ زَوْجٍ} وقوله: «بهتاناً»؟
الجواب: {مَكَانَ زَوْجٍ} منصوب على الظرفية، والعامل «استبدال»، و «بهتاناً» مفعول لأجله.