محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة النساء

صفحة 308 - الجزء 1

  متراضيين على التبادل عن طريق البيع والشراء⁣(⁣١).

  {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ٢٩}⁣(⁣٢) فلا يقتل بعضكم بعضاً.

  {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ٣٠} فمن قتل نفساً عدواناً وظلماً، فهو من أهل النار، ومصيره إليها خالداً فيها، وذلك يسير هين عند الله.

  {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا ٣١} إذا اجتنب المكلف المسلم الكبائر، فسيكفر الله عنه صغائر الذنوب ما دام غير مصر عليها؛ لأنه محل الزلل والخطأ، ولا يخلو منها، وقد يكون باستطاعته الاحتراز عنها ومجانبتها، ولكن الله لرحمته قد خفف عنا فيها ما دمنا غير مصرين عليها، ولا قاصدين لفعلها ولا متعمدين لمعصية الله بها⁣(⁣٣).


(١) سؤال: هل يؤخذ من هذا أن البيع مع التراضي يصح ولو بدون إيجاب وقبول؟

الجواب: الرضا أمر نفسي لا يعرف إلا بالكلام الدال عليه دلالة تفيد الرضا بالتبادل بين البائع والمشتري في مبيع معلوم وثمن معلوم و ... إلخ.

(٢) ما العلاقة بين النهي عن قتل أنفسنا والتجارة عن التراضي؟

الجواب: الذي سوغ العطف أمران:

١ - اتحاد الفاعل «المسند إليه».

٢ - هنا مناسبة خيالية أو وهمية مطبوعة في النفوس فيما بين القتل وأخذ المال بحيث يتخيل أنهما أخوان، فإذا ذكر القتل لاحت صورة أخذ المال بجانبه، وقد حصل هذا الخيال والوهم من كثرة حصول القتل وأخذ المال، وكثرة تردد الكلام بذلك على طول التأريخ.

(٣) سؤال: يقال: ظاهر الآية ولو فعلها متعمداً مع صغرها، فكيف يجمع بينه وبين هذا؟

الجواب: الظاهر هو ما ذكرتم، ولكن تُرِك لما تقرر أن من شأن المؤمن أن لا يتعمد معصية الله وإن صغرت إذا علم أو ظن أنها معصية، بل إنه يتحرز عن فعل الأمر المشتبه والدخول فيه =