محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة النساء

صفحة 380 - الجزء 1

  فما دمتم قد حصنتم أنفسكم من سيف الإسلام وحفظتم أموالكم وحصنتموها من تغنم المسلمين بإظهار الشهادتين فلا تفتحوا على أنفسكم باب القتل وتَغَنُّم الأموال وسبي النساء والأطفال.

  {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ⁣(⁣١) الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ١٤٥} فهم في أشد عذاب جهنم، ولا شافع لهم، ولا دافع عنهم من عذاب الله.

  {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا} ما قد أفسدوا {فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ١٤٦}.

  {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا ١٤٧} يخاطب الله المنافقين⁣(⁣٢) بأنه ليس محتاجاً لتعذيبكم، ولا يريد أن يعذبكم؛ فارحموا أنفسكم أيها المنافقون، ولا تجعلوا لله عليكم سلطاناً بتسببكم في هلاك أنفسكم، والله شاكر عليم، فمن شكره وأطاعه - أثابه وضاعف له الثواب، لا يخفى عليه ما ظهر من أعمالكم وما بطن.

  {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا ١٤٨} لا يحب الله أن يتكلم أحد بالكفر والباطل إلا على سبيل الإكراه، فقد عفا الله عما أكره عليه المسلم، رحمة من الله وترخيصاً لعباده المؤمنين⁣(⁣٣).


(١) – سؤال: ما هو الدرك؟

الجواب: الدرك الأسفل من النار: هو الطبقة السفلى من النار، وسميت طبقاتها دركات لأنها متداركة متتابعة بعضها فوق بعض.

(٢) – سؤال: هل الخطاب مقصور على المنافقين أم يعم حتى المسلمين؟

الجواب: الآية وإن كانت خطاباً للمنافقين إلا أنها للناس جميعاً: {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}⁣[الأنعام: ١٩].

(٣) – سؤال: يقال: اشتهر عند المفسرين أن هذه الآية في شكوى المظلوم ممن ظلمه وجهره بالسوء عنه، ويؤيده قوله: {أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ} فما رأيكم؟

الجواب: ما ذكرنا هو أحد التفاسير المحتملة، والأولى أن تفسر بالجميع، فظاهر الاستثناء الاتصال، وتقديره: إلا جهر من ظُلِم.