محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة النساء

صفحة 382 - الجزء 1

  {فَقَدْ⁣(⁣١) سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ} وسؤالهم هذا إنما هو تعنت منهم وتمرد، وليس طلباً للحق وبحثاً عنه.

  {فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} طلبوا من موسى # أن يظهر الله تعالى لهم حتى يروه بأعينهم تمرداً على موسى # وتعنتاً عليه، وكانت عادتهم التمرد على الله سبحانه وتعالى.

  {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ} عذبهم الله بسبب ظلمهم، وكان هؤلاء الذين سألوا ذلك سبعين رجلاً، {ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ} يعني أن اليهود عبدوا العجل من دون الله، ثم تاب الله عليهم حين تابوا، وهؤلاء غير أولئك الذين سألوا موسى أن يريهم الله جهرة؛ لأن اليهود انقسموا قسمين، فقسم منهم ذهبوا يكتبون التوراة مع موسى عند الجبل، وهم أولئك السبعون، والباقون مكثوا عند هارون، وهؤلاء هم الذين عبدوا العجل⁣(⁣٢).

  فأما أولئك فقد أخذتهم الصاعقة بسؤالهم الرؤية، وأما الباقون فتابوا فعفا الله عنهم بعد أن شدد الله عليهم في التوبة حيث أمرهم بقتل أنفسهم.


(١) – سؤال: ما معنى الفاء في قوله: {فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ

الجواب: الفاء هي الفصيحة، رابطة للجواب بالشرط أي أنها ربطت المسبب بسببه، والتقدير: إن سألوك فقد سألوا، أي: لا يكبر عليك تعنتهم فعادتهم التعنت من عهد موسى #.

(٢) – سؤال: يقال: ظاهر قوله: {ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ} أن عبدة العجل هم نفس السائلين، فكيف؟

الجواب: المذكور في القرآن الكريم أن موسى ذهب مع سبعين مختارين من بني إسرائيل لكتابة التوراة وجعل هارون خليفة في قومه، فطلب السبعون من موسى أن يريهم الله جهرة، وحصل ما حصل ممن بقي من بني إسرائيل عند هارون، فعصوا هارون وخالفوه وعبدوا العجل، هذا ما قصه الله تعالى في القرآن. أما في هذه الآية فقد نسب الله الأمرين إلى بني إسرائيل الذين كانوا على عهد النبي ÷؛ لأن الأمرين وقعا من أسلافهم الذين يتولونهم ويحبونهم وينتمون إليهم.